مقال

الدكروري يكتب عن ظهر الإسلام بإسلام عمر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ظهر الإسلام بإسلام عمر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن التوكل على الله تعالي وتفويض الأمر له، وصدق اللجأ، والعلم أنه لا كافي إلا الله، فيقول سبحانه على لسان أحد أوليائه كما جاء في سورة غافر” وأفوّض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا” ويقول سبحانه وتعالى لرسوله الكريم صلي الله عليه وسلم كما جاء في سورة الزمر “ويخوّفونك بالذين من دونه ” فكل من دون الله تعالي فهو تحته ودونه وعبد له، فلا قيمة له، ولا وزن ولا تأثير، وإن قصة الهجرة، يتجلى فيها التوكل، كأحسن ما يتجلى في أي صورة وفي أي موقف، فيدخل الغار، ويتكرر لنا حديث الغار، ونعيد دائما حديث الغار لأن أول التاريخ بدأ من الغار، والنور انبعث من الغار، فمن يمنعه عليه الصلاة والسلام، أين موكبه، أين أقواس النصر التي تحف الناس، أين الجنود المسلحة التي تحمي عظماء الناس وكبراءهم.

 

وهم أقل خطراً وأقل شأنا منه، لا جنود، لا حراسة، لا سلاح، لا مخابرات، لا استطلاع، وإذا العناية لاحظتك عيونها، نم فالحوادث كلهن أمان فيقول أبو بكر الصديق، يا رسول الله والله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا، فيتبسم عليه الصلاة والسلام، والتبسم في وجه الموت أمر لا يجيده إلا العظماء، حتى يقول المتنبي يمدح عظيما، لا يستحق أن يكون جنديا في كتيبة محمد عليه الصلاة والسلام، فيتبسم عليه الصلاة والسلام ويقول “ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما” فهل يغلب هؤلاء الثلاثة، أم تكون الدائرة على أعدائهم، فإذا كان الله ثالثهما، فمن المغلوب؟ من هو الخاسر في الجولة؟ من هو المنهزم في آخر المعركة؟ ويقول عليه الصلاة والسلام، لأبي بكر مواسيا له “لا تحزن إن الله معنا” فهذه هي المعية التي صاحبت الخليل إبراهيم عليه السلام.

 

وهو يهوي بين السماء والأرض، في قذيفة المنجنيق إلى النار، فيقول له جبريل ألك إليّ حاجة؟ فيقول أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم حسبنا الله ونعم الوكيل، فكانت النار بردا وسلاما، وهذه هي المعية التي صاحبت نبي الله موسى عليه السلام راعي الغنم، الذي يحمل عصاه، ولا يجيد اللغة أن ينطقها، ويدخل إيوان الظالم السفاك المجرم فرعون، وحرس فرعون أكثر من ثلاثين ألفا، الدماء تسيل في البلاط الملكي الظالم، ونبي الله موسى يلتفت ويقول يا رب “إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى” فيعلمه الله درس التوحيد والتوكل ” لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى” ويطارد سراقة رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، فلا يلتفت، ويقرأ القرآن ولا يلتفت لأن الله معه، ويدعو على سراقة، فيصبح سراقة مهدداً بالموت فيقول يا محمد، اكتب لي أمانا على حياتي، أنت الآن محميّ.

 

وأنا مهدد، بالله لا تقتلني، فيتبسم صلي الله عليه وسلم، ويقول “يا سراقة، كيف بك إذا سُوّرت بسواري كسرى؟ ولكن أين كسرى؟ وهو إمبراطور فارس، ديكتاتوري الشمال، المجرم السفاك، فيضحك سراقة كأنه ضرب من الخيال، فهل هذا يستولي على إمبراطوريات الدنيا هذا يلغى مملكة العالم وهو لا يستطيع أن ينجو بنفسه، وبالفعل تم ذلك، ودُكدك الظلم، وفتح الشمال، ورفرفت لا إله إلا الله على الإيوان، فعن ابن عمر رضى الله عنهما قال‏ لما أسلم عمر بن الخطاب لم تعلم قريش بإسلامه، فقال أي أهل مكة أنشأ للحديث‏؟‏ فقالوا‏ جميل بن معمر الجمحى‏،‏ فخرج إليه وأنا معه، أعقل ما أرى وأسمع، فأتاه، فقال‏‏ ياجميل، إني قد أسلمت، قال‏‏ فو الله ما رد عليه كلمة حتى قام عامدا إلى المسجد فنادى ‏بأعلى صوته‏‏ أن‏‏ يا قريش، إن ابن الخطاب قد صبأ‏،‏ فقال عمر بن الخطاب وهو خلفه‏‏ كذب.

 

ولكنى قد أسلمت ‏وآمنت بالله وصدقت رسوله، فثاروا إليه فما زال يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم، وطلح أي أعيا عمر بن الخطاب، فقعد، وقاموا على رأسه، وهو يقول‏ افعلوا ما بدا لكم، فأحلف بالله أن لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا‏، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول‏‏ ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر‏، وعن صهيب بن سنان الرومى رضي الله عنه قال‏ لما أسلم عمر بن الخطاب ظهر الإسلام، ودعى إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقا، وطفنا بالبيت، وانتصفنا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتى به‏ وعن عبد الله بن مسعود قال‏‏ ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر‏،‏ وبعد إسلام هذين البطلين الجليلين حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما أخذت السحائب تتقشع.

 

وأفاق المشركون عن سكرهم في تنكيلهم بالمسلمين، وغيروا تفكيرهم في معاملتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، واختاروا أسلوب المساومات وتقديم الرغائب والمغريات، ولم يدر هؤلاء المساكين أن كل ما تطلع عليه الشمس لا يساوي جناح بعوضة أمام دين الله والدعوة إليه، فخابوا وفشلوا فيما أرادوا‏.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى