مقال

الدكروري يكتب عن مواساة السلف الصالح

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مواساة السلف الصالح
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ما أحوجنا جميعا في هذا الزمان الذي نعيش فيه إلى التضرع بصدق إلى الله عز وجل أن يرفع البلاء عن البلاد والعباد والبشرية جمعاء وأن تكون فرصة لأن يراجع كل منا علاقته بربه وأن يحصن نفسه بصادق ذكره، ومن ذلك ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء” وكما قال صلى الله عليه وسلم “من نزل منزلا ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ” وإن من صور مواساة السلف الصالح، قال أبو حمزة الثمالي كان علي بن الحسين يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدق به ويقول “إن صدقةَ السر تطفئ غضب الرب عز وجل”

وقد بلغ عبد الله بن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه، وكان يجلس في ظل دار هذا الجار، فقال “ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما أى محتاجا فدفع إليه ثمن الدار، وقال لا تبعها” وقال عبدالله بن محمد الفروي اشترى عبدالله بن عامر بن كريز من خالد بن عقبة بن أبي معيط داره التي في السوق، ليفتح بها بابه على السوق بثمانين أو تسعين ألفا، فلما كان من الليل سمع بكاء، فقال لأهله ما لهؤلاء يبكون؟ قالوا على دارهم، قال يا غلام، ايتهم وأعلمهم أن الدار والمال لهم” وقال قيس بن الربيع كان أبو حنيفة يبعث بالبضائع إلى بغداد فيشتري بها الأمتعة ويحملها إلى الكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشتري بها حوائج الأشياخ المحدثين وأقواتهم وكسوتهم وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الدنانير من الأرباح إليهم.

فيقول أنفقوا في حوائجكم، ولا تحمدوا إلا الله، فإني ما أعطيتكم من مالي شيئا، ولكن من فضل الله عليّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم، فإنه هو والله مما يجريه الله لكم على يدي، فما في رزق الله حل لغيره” وروى أبو نعيم عن يحيى بن بكير، قال احترقت دار عبدالله بن لهيعة، فبعث إليه الليث بن سعد بألف دينار” والدينار يعادل أربعة جرامات وربعا من الذهب الخالص، وقال إسحاق بن راهويه لما خرج أحمد بن حنبل إلى عبدالرزاق باليمن انقطعت به النفقة، فأكرى نفسه أي عمل أجيرا من بعض الحمالين إلى أن وافى صنعاء، وقد كان أصحابه عرضوا عليه المواساة فلم يقبل من أحد شيئا” وقال الحاكم النيسابوري قيل لي إن عشر غلة أي مقدار دخله السنوي، ابن أبي ذهل، وهو محمد بن محمد العصمي تبلغ ألف حمل بعير، وحدثني أبو أحمد الكاتب.

أن النسخة بأسامي من يمونهم أى يطعمهم تزيد على خمسة آلاف بيت” وقال حميد الطويل كان بكر بن عبدالله المزني يلبس كسوته ثم يجيء إلى المساكين فيجلس معهم يحدثهم،ويقول إنهم يفرحون بذاك، وقال بن شقيق أراد جار لأبي حمزة السكري أن يبيع داره، فقيل له بكم؟ قال بألفين ثمن الدار، وبألفين جوار أبي حمزة، فبلغ ذلك أبا حمزة، فوجه إليه بأربعة آلاف، وقال لا تبيع دارك، وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله كان هارون الرقي قد عاهد الله ألا يسأله أحد كتاب شفاعة إلا فعل، فجاءه رجل فأخبره أن ابنه قد أسر بالروم، وسأله أن يكتب إلى ملك الروم في إطلاقه، فقال له ويحك ومن أين يعرفني؟ وإذا سأل عني قيل هو مسلم، فكيف يقضي حقي؟ فقال له السائل اذكر العهد مع الله تعالى، فكتب له إلى ملك الروم، فلما قرأ الكتاب قال من هذا الذي قد شفع إلينا؟

قيل هذا رجل قد عاهد الله لا يُسأل كتاب شفاعة إلا كتبه، إلى أي من كان، فقال ملك الروم هذا حقيق بالإسعاف، أطلقوا أسيره، واكتبوا جواب كتابه، وقولوا له اكتب بكل حاجة تعرض فإنا نشفعك فيها، وقال يعقوب بن شيبة أظل عيد من الأعياد رجلا وعنده مائة دينار، لا يملك سواها، فكتب إليه رجل من إخوانه يقول له قد أظلنا هذا العيد ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، ويطلب منه ما ينفقه، فجعل المائة دينار في الصرة وختمها وأرسلها إليه، فلم تلبث الصرة عند الرجل إلا يسيرا حتى وردت عليه رسالة أخ من إخوانه فذكر له فيها ضيق حاجته في العيد، ويطلب منه المساعدة، فوجه بالصرة إليه بختمها وبقي الأول لا شيء عنده، فكتب إلى صديق له، وهو الثالث الذي صارت إليه الدنانير، يذكر حاجته، ويطلب منه ما ينفقه في العيد، فأرسل إليه الصرة بخاتمها.

فلما عادت إليه صرته التي أرسلها بحالها، ركب إليه ومعه الصرة وقال له ما شأن هذا الصرة التي أرسلتها إليّ؟ فقال له إنه أظلنا العيد ولا شيء عندنا ننفقه على الصبيان، فكتبت إلى فلان أخينا أطلب منه ما ننفقه، فأرسل إلي هذه الصرة، فلما وردت رسالتك عليّ أرسلتها إليك، فقال له قم بنا إليه، فركبا جميعا إلى الثاني ومعهما الصرة، فتبادلوا الحديث ثم فتحوا الصرة فاقتسموها بينهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى