مقال

الدكروري يكتب عن العجوز مع ابن فراته

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن العجوز مع ابن فراته

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد أمتن الله تعالي على رسوله الكريم محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم نشرح لك صدرك أما كان صدرك ضيقا قبل الرسالة أما كنت تهتم وتغتم أما شرحنا لك صدرك حتى صار أوسع من السموات والأرض أما أتتك الظواهر والمحن والفتن والحوادث والزلازل أما تكالب عليك الخصوم أما حاربتك الدنيا أما تحداك اليهود والنصارى والوثنيون وعباد الأصنام فشرحنا لك صدرك فسرت ثابتا مؤيدا، وإن انشراح الصدر له أسباب أذكر منها هو الإيمان بالله كما سلف، وذكر الله دائما وأبدا، والاستغفار والتوبة و أأكد التوبة من المعاصي، وقراءة القرآن مع التدبر، والدعاء وخصوصا الدعاء وقت الليل فهي خطيرة ووالله انها لتسقط دولاً وتحطم جيوشا وتكسر طغاة وتفتح أقفالا وتدك جبالا, فإن جلسة الليل إذا أرسلتها بدموع عينيك برسالة مع السحر.

 

وكتبتها بأسطر الدموع على قراطيس الخدود وأرسلتها قبل الفجر ترتفع إلى العرش يأتي كل شئ كما تريد، فقيل أنه أتت عجوز إلى ابن فراته الظالم الوزير البغدادي في القرن الرابع فقدمت له عريضة لأنه أخذ بستانها ومزرعتها قال البستان بستاني والمزرعة مزرعتي قالت أنا عجوز حسيرة كسيرة مسكينة عمياء ليس لي ناصر إلا الله والله ليس لي من ولد ولا أخو ولا زوج فأسألك أن تعيدها فقال لا فقالت أعد مزرعتي وإلا شكوتك على الله فقال من جبروته عليك بالثلث الأخير من الليل يقول أحد العلماء والله أني بجانبه وأني انتفضت وارتعدت من هذه الكلمة فذهبت فمسكت الثلث الأخير في جلسة السحر تدعو عليه شهرا كاملا فسلط الله عليه الخليفة فقطع يده يوم الجمعة وفي الجمعة الثانية حُكم عليه بالإعدام فمرت عليه قبل أن تقطع رأسه إعداما فقالت يا ابن الفرات.

 

والله إني جربت دعاء الليل وإني وجدته فقال أتشمتين بي قالت جزاك الله خيرا إنك دللتني على جلسة السحر ودعاء الليل وما وجدته أنت من دعاء السحر ولما قتل قالت إذا جار الوزير وكاتباه، وقاضي الأرض أجحف في القضاء، فويل ثم ويل ثم ويل، لقاضي الأرض من قاضي السماء، وهكذا فإن الإيمان يصنع المجتمع المسلم فو الذي نفسي بيده لم تعرف البشرية من أولها لأخرها مجتمعا كالمجتمع المسلم الذي صنعه عليه الصلاة والسلام والذي أخرجه للناس مجتمع المحبة مجتمع الرحمة مجتمع الألفة مجتمع المودة ويقول سبحانه وتعالي ” وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم” فإنه ليس في الإسلام جنسية, فإن الجنسية لا إله إلا الله محمد رسول الله, أن تكون مؤمن بالله, فهذا هو سيدنا بلال ابن رباح.

 

فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، فالإسلام أتى بالأخوة الإيمانية كما قال سبحانه وتعالى ” أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين” وقال سبحانه وتعالى ” رحماء بينهم” وقال عليه الصلاة والسلام “لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تناجسوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا كباد الله إخوانا” فالإسلام رحمة للكبير والصغير والأجنبي حتى المعاهد حتى لو حل دين ليهودي أو نصراني وغير مسلم وجب علينا حقوقه وجب علينا أن تحترم حقوقه فيقول تعالي ” لست عليهم بمسيطر” و أيضا قوله تعالى ” لا إكراه في الدين” وقال صلى الله عليه وسلم “من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة” وقيل أنه أتى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهودي كبير يرتجف يُأخذ منه الجزية فأتى وإذا لعاب اليهودي يسيل من شفتيه من فمه.

 

وهو شيخ كبير عجز عن أداء الضريبة الجزية للمسلمين فقال يا أمير المؤمنين والله لا أملك قليلاً ولا كثيرا للجزية وهذا حالي ليس لي أبناء فبكى عمر بن الخطاب حتى سالت دموعه فقال للصحابي بئس ما جزيتموه أخذتم شبابه ثم أخذت الجزية في كبره والله ما يؤخذ منه شئ ثم أمر بإطعامه وكسوته وأمر أن يصرف له من بيت المال فيا من يرى عمرا تكسوه بردته، والزيت اُدم له والكوخ مأواه، يهتز كسرى على كرسيه فرقا من خوفه، وملوك الروم تخشاه، وهكذا فإن دين الإسلام الحنيف، هو دين تكافل وتراحم، وهو دين تعاطف وشفقة، وهو دين معاملة وإحسان، وقد عمل على ذلك أولو العزائم، من السلف الكريم، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدانت لهم الدنيا، وتحطمت تحت أقدامهم تيجان الجبابرة من أقاصرة وأكاسرة، وملكوا أزمة الأمور، فكانت الشدة منهم على الكافرين، وكانت الرحمة والشفقة بينهم، مثلا للعادلين والمتأسّين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى