مقال

الدكروري يكتب عن وتلك الأيام نداولها بين الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وتلك الأيام نداولها بين الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد صدق الله العظيم عندما قال “وتلك الأيام نداولها بين الناس” فانظر إليها تجدها فقر وغنى وصحة مرض وبلاء وعافية وعز وذل، فهذا مصاب بالعلل والأشقام وذاك يخرج من مرضه سليما معافى وهذا مصاب بعقوق أبنائه وذاك مصاب بسوء خلق زوجته وآخر مصاب بفقد ماله وآخر مصاب بسوء أخلاق جيرانه، وهكذا سلسلة من الآلام والأحزان والمصائب لا تنتهي لكن هل يستفيد الناس منها ويتفكروا فيها ويتدبروا فيما يزيلها، ولا يزيل هذه الآلام ويكشف تلك الكروب إلا علام الغيوب الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وهكذا حال المسلم في البأساء الصبر والإنابة إلى الله يتوصل بالأسباب الموصلة إلى كشف الكروب وإزالة المكروه لا يستكين للحادثات ولا يضعف للملمات يحاول تجاوز المحنة أيا كانت والتخلص منها في حزم الأقوياء.

 

وعزيمة الأصفياء وصبر الأولياء قدوته في ذلك سيد المرسلين وإمام الصابرين فقد حل به وبأصحابه من البلايا والمحن ما تعجز عنه حمله الجبال الراسيات ولكنهم ما وهنوا وما ضعفوا بل قابلوا ذلك بالصبر والثبات، فيقول الله تعالى “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم” فعلى كل مسلم ألا يجزع مما أصابه ولا يحزن على ما فاته فإن ذلك لا يرد فائتا ولا يدفع واقعا فاترك الهم والحزن وكن مستعينا بالله متوكلا عليه وخذ من الأسباب ما يفرج كربك ويذهب همك من تقوى الله والإنابة إليه والتوكل عليه والتعرف إليه في الرخاء فقد قال تعالى “ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا”

 

وقال أبو الدرداء رضي الله عنه “إن من شأنه سبحانه أن يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع أقواما ويضع الآخرين” وقال الضحاك بن قيس اذكروا الله في الرخاء يذكركم في الشدة إن يونس عليه السلام كان يذكر الله تعالى فلما وقع في بطن الحوت فقال الله تعالى “فلولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون” وعليكم بالاستغفار فإنه سبب لتفريج الكروب وإزالة الغموم فقال تعالى “فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق محرجا ورزقه من حيث لا يحتسب” ويثول الله عز وجل “وأيوب إذ نادى ربه أين مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر فاتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين”

 

ويقول الله جل وعلا “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم وأولئك هم المهتدون” والصبر هو أحد موجبات الجنة ولا يوفى أحد أجره بغير حساب إلا الصابر، وقال عمر بن الخطاب وجدنا خير عشينا بالصبر، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا فسررت به قال “لا تصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا فعل ذلك به” قالت أم سلمة فحفظت ذلك منه، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منه.

 

ثم رجعت إلى نفسي وقلت من أين لي خير من أبي سلمة فلما انقضت عدتي استأذن عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي فقلت يدي من القرظ وأذنت له فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني إلى نفسي فلما فرغ من مقالته قلت يا رسول الله ما بي إلا أن تكون لك الرغبة فيّ ولكني امرأة في غيرة شديدة فأخاف أن ترى مني شيئا يعذبني الله به وأنا امرأة دخلت في السن وأنا ذات عيال، فقال أما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عزوجل منك وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل ما أصابك وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي، قالت فقد سلمت لرسول الله، فقالت أم سلمة فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى