مقال

الدكروري يكتب عن صور الإنسان الظاهرة والباطنة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن صور الإنسان الظاهرة والباطنة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن معنى الخُلق في اللغة هو السجية والطبع والدين، وهو صورة الإنسان الباطنية، أما صورة الإنسان الظاهرة فهي الخَلق، ومعنى الخلق اصطلاحا هو عبارة عن هيئة في النفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويُسر، من غير حاجة إلى فكر ولا روية، يتردد بعض المختصين في التربية بتوضيح العلاقة بين الشريعة الإسلامية والتربية الإسلامية، بل يصل الأمر بهم إلى الحرج أحيانا لتوضيح هذه العلاقة، إما عن سوء فهم، أو عدم معرفة، أو عدم إلقاء بال واهتمام بهذه العلاقة بين المفهومين، لذا فالشريعة الإسلامية، هو ما نزل به الوحي على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، من الأحكام التي تصلح أحوال الناس في الدنيا والآخرة، سواء في ذلك الأحكام العقائدية، أو الأحكام العملية، أو الأخلاق” أو “هي ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات.

 

ونظم الحياة، في شُعبها المختلفة لتنظيم علاقة الناس بربهم، وعلاقاتهم بعضهم ببعض، وتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة، فهي تنظيم دقيق لحياة الفرد فيما يصلحه في الدنيا والآخرة، ويقربه من الله تعالى، وتحقيق السعادة في الدارين، فشريعة الله عز وجل هي المنهج الحق المستقيم، الذي يصون الإنسانية من الزيغ والانحراف، ويجنبها مزالق الشر، ونوازع الهوى، وهي المورد العذب الذي يشفي علتها، ويحيي نفوسها، وترتوي بها عقولها، ولهذا كانت الغاية من تشريع الله استقامة الإنسان على الجادة، لينال عز الدنيا وسعادة الآخرة، ولا يتحقق ذلك إلا من خلال تطبيق هذه الشرائع في حياة الفرد وسلوكياته وتعامله، وعلاقته مع الله، ومع نفسه، ومع خلق الله تعالى، فالتربية الإسلامية هي إعداد الفرد إعدادا كاملا قبل أن يولد إلى ما بعد وفاته وذلك بالاختيار الحسن لأمه، وبعد مماته بتجهيزه وتوزيع تركته.

 

وإعدادا من النواحي الاجتماعية والعقلية والنفسية والصحية، لذا فالتربية الإسلامية تربية شاملة كاملة متوازنة، وهي إحداث تغير مرغوب في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه، من وجهة نظر الإسلام، ومن هنا تجد أن التربية الإسلامية لا تنفك عن الشريعة الإسلامية قَيد أنملة، فهي التطبيقات من الأفعال والأقوال السلوكية لأحكام الشريعة الإسلامية منها المحرم، والمندوب، والمكروه والواجب، والمستحب، فالشريعة الإسلامية تستمد أحكامها من القرآن الكريم، ومن السنة النبوية المشرفة، ومن إجماع العلماء على حكم من الأحكام في عصر من العصور، بعد وفاة النبي الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، والتربية الإسلامية كذلك تستمد أحكامها من القرآن ومن السنة النبوية، ومن إجماع علماء الأمة، فهما مشتركان في جميع مجالاتهما، ففي الشريعة الإسلامية.

 

وفي التربية الإسلامية الحكمة، والغاية العظمى من الخلق والإيجاد هو قول الله تعالى فى سورة الذاريات ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” وهكذا فإن حصر الحكمة من خلق الجن والإنس في شيء واحد، وهو أنهم يعبدونه، فالحكمة من خلق المخلوقات هي عبادة الله سبحانه وتعالى، فخلق الله الجن والإنس للعبادة، وخلق كل الأشياء لمصالحهم، وسخرها لهم ليستعينوا بها على عبادته سبحانه وتعالى، وهكذا أيضا نجد أن الخصائص مشتركة في جميع جوانب الشريعة الإسلامية والتربية الإسلامية، فخصائص الشريعة الإسلامية، والتربية الإسلامية، مشتركة، كما اتفق عليها المختصون، فكل منهما إلهية أو ربانية المصدر، فهي تختلف عن القوانين والأنظمة الوضعية التي صدرت عن البشر، بأنها تخلو من النقص، والعيب، والقصور، والجور، والظلم، صالحة لكل زمان ومكان.

 

وهي للبشرية كافة على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وألوانهم، شاملة لكل شؤون وجوانب حياة الإنسان منذ نعومة أظافره حتى يصبح شيخا كبيرا، محفوظة من التغيير والتبديل، فالله سبحانه وتعالى حفظ القرآن الكريم، وبالتالي حفظ أحكام وقوانين هذه الشريعة، وهي شريعة واقعية تراعي حالة الناس وظروفهم، والهدف منها إسعاد الناس ووصولهم إلى الراحة والطمأنينة في كافة جوانب حياتهم، وكاملة لا تحتاج إلى تكميل أو تعديل، حيث قال تعالى فى سورة المائدة ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام” ولتوضيح تميز الشخصية الإسلامية تبعا للتربية الإسلامية، نأخذ مثالا من حياة الصحابة الذين عاشوا طرفا من حياتهم في الجاهلية، وعاشوا بعد ذلك بقية حياتهم في الإسلام، فنلاحظ أن شخصية الواحد منهم بعد الإسلام تختلف كل الاختلاف عما كانت عليه في الجاهلية، ولا يوجد أحد ينكر هذه الحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى