مقال

الدكروري يكتب عن المبادئ العظيمة التي اهتم بها الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المبادئ العظيمة التي اهتم بها الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن بالقلم يعلم المعلم، ويمتهن أشرف المهن التي يمارسها الإنسان ويعمل بها، فهي وظيفة الأنبياء والمرسلين، حيث قال الله تعالى ” كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون” أي يعلمهم ما لم يكونوا يعلمون، فانتقلوا ببركة رسالته، إلى حال العلماء، فصاروا أعمق الناس علما، وأبرهم قلوبا، وأقلهم تكلفا، وأصدقهم لهجة، فقال تعالي “ن والقلم وما يسطرون” وقال تعالى في سورة المجادلة “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” قال تعالى في سورة الزمر “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون” وإن الإهتمام بالتربية والتعليم من المبادئ العظيمة التي اهتم بها الإسلام ودعا إليها، وقد أكد القرآن الكريم على أهميتهما وأشار في عدد من الآيات إلى ذلك، فكانت اولى آيات القرآن المنزلة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

خمس آيات من سورة العلق تتحدث حول قراءة العلم والتعليم كما ان الله سبحانة وتعالى يقسم في سورة القلم بالقلم إلماعا إلى مكانة القلم والكتابة في الإسلام، فان الدين الإسلامي هو دين العلم والتعلم للقضاء على الجهل الذي كان سائدا في العصر الجاهلي المتمثل بالتخلف والظلالة والخرافة والاباطيل، لقد جاء مصطلح التربية وبعض ما يماثله من المشتقات على معانى متقاربة في القرآن الكريم فوردت كلمة التربية في كتاب الله سبحانه وتعالى، بمعنى العلم، والحكمة، والتعليم، فقال الله سبحانه وتعالى ” ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون” وقال ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره من أهل العلم في تفسير هذه الآية والمعنى المراد أن يكونوا حكماء، وعلماء، وحلماء، وقال الضحّاك رحمه الله تعالى تعني تعلمون الكتاب أي تفهمون، وتأتي التربية أيضا بمعنى الرعاية.

 

حيث قال الله تعالى ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا” وكذلك ما جاء في قول فرعون لموسى عليه السلام، في قوله تبارك وتعالى ” قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين” والمقصود أي أما أنت يا موسى فقد ربيناك في بيوتنا، وأجلسناك على فرشنا، واعتنينا وأنعمنا عليك عدة سنين من عمرك، فجاءت التربية بمعنى العناية بالشيء، وتقديم الرعاية له، وأما في الاصطلاح الشرعي فقد عرفها البيضاوي بقوله تأتي كلمة الرب في الأصل بمعنى التربية، وهي الوصول بالشيء إلى درجة الكمال عن طريق التدرج في ذلك شيئا فشيئا، وقال الراغب الأصفهاني في تعريف التربية، التربية هي أصل معنى كلمة الرب، وهي تنشئة الشيء درجة فدرجة حتى يبلغ مرتبة الكمال والتمام، كما وتعرف التربية الإسلامية.

 

بأنها اتباع المنهج الإسلامي في تنشئة الفرد المسلم، بطريق التدرج، وبشكل يشمل جميع جوانبه، وذلك لتحقيق السعادة له في الدنيا والآخرة، وتقوم التربية الإسلامية على مجموعة من الأسس، تؤدى إلى تحقيق التطور المتوازن والمتكامل في شخصية المسلم بحيث أنها تهتم بجميع جوانبه الشخصية، والروحية، والجسمية، والعقلية، والاجتماعية، والانفعالية في آن واحد، لقوله تعالى ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا” حتى التزكية التي أمر بها الإسلام تشمل نفس الإنسان وعقله وجسمه وفؤاده، وتحقق المصلحة لبدنه، لقوله تعالى ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا” ومن ناحية أخرى تحقق التوازن للمسلم من حيث رفضها للتطرف في الطاعة، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يقوم لصلاة الليل وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء.

 

كما أنها تدعو إلى التخلي عن الأنانية، لقول النبي عليه الصلاة والسلام ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” وتقوم التربية الإسلامية على تربية الفرد على طاعة الله تعالى وعبادته في جميع مجالات الحياة، العلمية، والاجتماعية وغيرها، وفق مبادئ الإسلام وقيمه، وجعله فردا فاعلا في مجتمعه، وعدم إغفاله لآخرته، فتقوم على بناء الفرد المسلم المتكامل والمتوازن، الذي يهتم بجميع جوانب كيانه، فيتعامل معها بواقعية وبما يتناسب مع فطرته فتؤدى إلى تحقيق التربية الفكرية والعملية معا بحيث يترجم المسلم إيمانه إلى سلوك عملى، فالله تعالى ربط بين الإيمان والعمل في كثير من آيات القرآن، كقوله تعالى ” الذين آمنوا وعملوا الصالحات” وكذلك البعد عن مخالفة الأقوال للأفعال، حيث قال تعالى “يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى