مقال

الدكروري يكتب عن الشريعة والتربية الإسلامية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشريعة والتربية الإسلامية
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الشخص الواحد من الصحابة الكرام رضوان الله تعالي عليهم أجمعين قد تقلب في شخصيتين متغايرتين، فإن تغييرا جوهريا قد حدث له، ولم يكن موضوعه الدم واللحم ولا الطول ولا القصر، ولا الشكل ولا اللون، إنما كان موضوعه العقلية والنفسية فحسب، فقديما كان يفكر بعقلية الجاهلية، وبعد اعتناقه الإسلام ومروره في التربية الإسلامية، أصبح يفكر بطريقة جديدة، وصارت عقليته عقلية إسلامية، لقد كان ميله إلى الأشياء أيام الجاهلية ميلا جاهليا، لكنه بعد الإسلام صار يميل إلى الأشياء والحاجات ميلا إسلاميا، فهما الشريعة والتربية الإسلامية، يشتركان في المصادر، والأهداف، والخصائص، والأسس، والأساليب، والوسائل، وحتى الوسائط، وأيضا يجب المحافظة على نقاء الفطرة الإنسانية، فالإنسان يولد على الفطرة النقية، لقوله تعالى ” ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها”

فالتربية الإسلامية تطهر نفس الفرد بالتقوى والبُعد عن المعاصي للحفاظ على هذا النقاء، وتقوم بصرف رغباته بما يناسبها، كتشريعه للصوم لمن لا يمكنه الزواج، وصرف أوقات فراغهم بما هو مفيد لهم ولأمتهم، وكما يجب توجيه الإنسان نحو الخير بما تقدمه للإنسان من تشريعات تجعله رحيما ساعيا للخير، لقوله تعالى ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” ومن ذلك أنها جعلت معيار التفاضل بينهم هو التقوى والعمل الصالح، كما أنها توجه نحو القيم التي تكفل لهم الفوز في الدنيا والآخرة، كالإخلاص، ومراقبة الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه، ومنه قوله تعالى ” وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة” وكما يجب التحلى بالصبر، والصدق، حيث تقوم التربية الإسلامية على الاستمرارية فهي لا تنتهي بزمن معين أو تتوقف عنده.

فهي تمتد من الولادة إلى الموت، وتوجه الإنسان إلى التفكر في الكون والعالم مما يساعد في تقدم الأمة، كما أنها تدعو إلى مواكبة التطور بإخراج الأجيال المؤمنة المتعلمة، وكما تقوم على الانفتاح والعالمية، حيث أن الإسلام دين عالمي وليس خاص بأمة دون أمة، فيرفض التعصب للطبقة أو العرق أو اللون وغير ذلك من أشكال التعصب، فالتفاضل فيها على أساس التقوى، ويقول الله تعالى” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وكما تجمع بين المحافظة والتجديد، من خلال محافظتها على ثوابت الإسلام، كالعقائد والقيم الربانية، ولكنها في نفس الوقت تدعو المسلم إلى التجديد بمطالب الحياة التي تتغير في كل زمن، مع المحافظة على الثوابت والأصول العامة الإسلامية، فالتربية الإسلامية هي الطريق التي تربى بها الصحابة رضي الله عنهم بتنزل القرآن عليهم.

كتربيتهم في يوم بدر على أن النصر من عند الله تعالى، وحله لتنازعهم في غزوة أحد، وفي غزوة الخندق نزلت بعض الآيات التي فضحت المنافقين، وثبتت المؤمنين، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يستغل الفرص مع صحابته لتعليمهم وتربيتهم، وسار بعده أصحابه رضي الله عنهم في نفس الطريق حيث قاموا بتعليم التابعين ما تعلموه من النبي عليه الصلاة والسلام، وتربوا عليه، ليقوم الأشخاص بحمل الإسلام ونشره على علم وفقه، ودعوة الناس إلى التمسك به، وإن للتربية الإسلامية العديد من الأهداف، ومنها الأهداف العقيدية وهى من خلال توجيه الفرد للتمسك بعقيدته التي توجهه إلى العمل في ضوء هذه العقيدة، فتعمل على ربط الفرد بربه ومحبته، وتحرير العبد من العبودية لغيره سبحانه وتعالى مما يساعد على ترابط المجتمع وتماسكه، وهناك أيضا الأهداف العقلية.

فالعقل هو مصدر الإدراك عند الفرد ومن خلاله يكون محاسبا على أعماله، وربط الله تعالى في كتابه بين انعدام الاحتكام إلى العقل والانحراف، إذ إن سبب الانحراف هو ترك العمل بمقتضى العقل، وقد ذم الله تعالى من يعطل عقله، فقال تعالى ” إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون” وقد اعتنت التربية الإسلامية بالعقل فهو محل التكليف، وأداة التمييز بين الخير والشر، ومن أهم الطاقات عند الفرد، وعلى الإنسان أن ينميه الإنسان بالعلم والمعرفة، والاهتمام بما فيه استعمال له كالتفكير والإبداع، وكذلك تحريره من الأوهام والخرافات، وأيضا فإن هناك الأهداف الروحية، وهى من خلال تربية الأفراد على الإيمان، وتوجيه واستثمار الرغبة الداعية للتدين عندهم، وتربيتهم على القيم المستمدة من الإيمان الصحيح بأركان الإيمان، ومدهم بالطاقة الروحيّة والتي هي أسمى الطاقات وهي نفخة من روح الخالق، فيقول تعالى ” ونفخت فيه من روحى”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى