مقال

الدكروري يكتب عن وسائل تحقيق الأمن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وسائل تحقيق الأمن

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن وسائل تحقيق الأمن كلها تعود إلى أمرين لا ثالث لهما تعظيم أمر الله في المأمورات والمنهيات وإصلاح ذات البين، وكذلك بالدعاء بالأمن والأمان، فيستحب لجميع أفراد المجتمع الدعاء في جميع الأوقات أن يرزقنا وأولادنا وأهلنا ومجتمعنا وبلادنا الأمن والأمان والاستقرار، فالدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة ولذلك كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يرزقه الأمن حين يمسي وحين يصبح، فعلينا أن نقتدي بنبينا صلى الله عليه وسلم ونداوم على الدعاء صباحا ومساء ليرزقنا الله الأمن والأمان، وإن من لوازم الحب الشرعى للأوطان المسلمة أن يحافظ على أمنها واستقرارها، وأن تجنب الأسباب المفضية إلى الفوضى.

 

والاضطراب والفساد فالأمن فى الأوطان من أعظم منن الرحيم الرحمن على الإنسان ونعمة الأمن من أجلّ وأعظم نعم الله على الإنسان كالصحة لا يعرفها إلا من فقدها، وهى ككل النعم تتطلب الشكر عليها، لقد امتن الله على أهل حرمه بالأمن، ولقد قام الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالدعاء لأهل مكة، فقدم طلب الأمن على طلب الرزق، لأن الناس لا يحصلون أرزاقهم إلا مع توفر أمنهم، ولا يتنعمون بالطيبات من الرزق مع المخافة والفزع، ومن الكفر بهذه النعمة العظيمة وهى نعمة الأمن فى الأوطان العبث باستقرار الوطن وأمنه، والمغامرة بمستقبله وتضييع ماضيه، ومن الكفر بنعمة الأمن تأجيج نيران الأحقاد بين أبناء الوطن.

 

واستغلال معاناة الجماهير الكادحة المرهقة لتكون وقود معركة فاشلة ظالمة، الخاسر فيها هو الوطن، والجانى فيها تلك الجماعات الفاشلة التى لا تعرف للإسلام طريق، ولا شك أن أكثر ما حصدناه فى وطننا الحبيب خلال السنوات الأربع الماضية هو ضياع نعمة الأمن، فمن منا لم يشعر بالذعر والخوف على نفسه وولده وزوجه وماله وداره؟ ومن منا لم يعد يتمنى أن يدفع بكل ما يملك نظير تحصيل الأمن المفتقد؟ ومن منا لم يحصد الحصاد المُرّ للفوضى التى كادت أن تعصف ببلادنا لولا أن منّ الله علينا بنعمته التى فرّطنا فيها من قبل برغبتنا وأضعناها بأيدينا؟ فإن الأمن نعمة عظمى، ومِنة كبرى، لا يُدرك قيمته ولا يستشعر أهميته.

 

إلا من تجرّع غصة الحرمان منه، واصطلى بنار فقده، فوقع في الخوف والقلق، والذعر والاضطراب والفوضى والتشريد والضياع، فكم من غريب فقد موطنه، وكم من شريد غاب عن أهله وعشيرته، وكم من منكوب تائه لا يعرف له مأوى، ولا يشعر بطمأنينة ولا استقرار، وانظروا إلى صور فقد الأمن في العالم اليوم، وما مُنى به كثير من الناس من اجتياح الفتن المدلهمة، والحروب الطاحنة، وإحاطة الخوف والرعب والجوع والسلب والنهب في فوضى عارمة، وجنايات ظالمة، فإن الأمن مطلب في حياة الإنسان إذ هو بطبعه ينشد الأمن وما يبعده عن المخاطر والمخاوف، ولأهميته وعظيم مكانته دعا الخليل إبراهيم عليه السلام لأهل مكة.

 

فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة، ولا يتلذذ الناس بالرزق مع وجود الخوف، بل نجد في القرآن تلازما وثيقا بين الأمن ورغد العيش من جهة، وبين الخوف والجوع من جهة أخرى، ولأهمية الأمن كذلك فإن الله تعالى وعد المؤمنين بأن يجعل لهم بدلا من الخوف الذي يعيشون فيه أمنا واطمئنانا، وراحة في البال، وهدوءا في الحال، إذا عبدوه وحده واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئا، ومما يدل على حاجة المرء للأمن، أنه كان أحد المسائل التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم ربه، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال اللهم أهِله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام والتوفيق لِما تحب وترضى، ربنا وربك الله” رواه ابن حبان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى