مقال

الدكروري يكتب عن حسن الكلام وطيبه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حسن الكلام وطيبه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من سماحة النبي صلي الله عليه وسلم مع الأنصار أنه كان يجبر خواطرهم، ما كان يريد صلي الله عليه وسلم أن تبقى في نفوسهم حزازة ولا شيء، فكان صلى الله عليه وسلم، لا يكسر الخواطر، بل يسعى لجبرها، ويوم حنين يوم أن أعطى الأعراب الدنيا، ووجد بعض الأنصار في نفسه من قسمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم صلى الله عليه وسلم لوحدهم، وأغلق عليهم، وخطبهم، فقال “يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ظلالا فهداكم الله بي، قالوا الله ورسوله أمنّ، يا معشر الأنصار، ألم أجدكم أعداء فألفكم الله بي، قالوا الله ورسوله أمنّ، ألم أجدكم عالة فأغناكم الله بي، قالوا الله ورسوله أمنّ.

 

قال يا معشر الأنصار، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاه والبعير، وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، المحيا محياكم، والممات مماتكم، الأنصار شعار، والناس دثار، اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار” فبكى، حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا رضينا برسول الله حظا ونصيبا، فإن حسن الكلام وطيبه، والبشاشة في وجوه الناس أمر محمود يطلبه منكم نبيكم صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن سليم قال “فركبت قعودي ثم أتيت إلى مكة فطلبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلوني عليه، فقلت السلام عليك يا رسول الله، فقال وعليك السلام، فقلت إنا معشر أهل البادية قوم فينا الجفاء.

 

فعلمني كلمات ينفعني الله بها، فقال أدن ثلاث مرات، فدنوت، فقال أعد علي ما قلت؟ فأعدت عليه، فقال “اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق، وأن تفرغ دلوك في إناء المستسقي، وإن امرؤ سبك بما لا يعلم منك فلا تسبه بما تعلم فيه، فإن الله جاعل لك أجرا وعليه وزرا، ولا تسبن شيئا مما خول الله لك” قال جابر”فوا الذي نفسي بيده ما سببت بعده شاة، ولا بعيرا” إذ لا ينبغي الردّ للإساءة بمثلها، وإنما بالإعراض، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قوم يفترون عليه الكذب، ويموهون على الناس حقائق الوحي، ويؤذونه بالفعل واللسان، ومع ذلك يعرض عنهم ويدعو لهم بالهداية.

 

ويقول “رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” ولقد حلاه الله وزيّنه بالخلق الكريم، ووصفه بالخلق العظيم، وإن من أسماء الله الحسنى الواردة في كتاب الله هو المؤمن، فالمؤمن من معانيه التي اشتق منها الأمان، فهو الذي يهب عباده المؤمنين الأمن في الدنيا، بالطمأنينة والأنس الذي يجدونه في قلوبهم بفعل الإيمان به سبحانه وتوحيده، وكذلك هو الذي يؤمّن لجميع خلقه كل ما يأمن بقاء حياتهم إلى أجلهم المحتوم بتوفير رزقهم ودفع الغوائل عنهم، وإن من مطالب الحياة الطيبة هو الأمن والأمان، فكيف يعيش المرء في حالة لا يجد فيها أمنا ولا استقرارا، وكيف يطيب عيشه إذا عدم الأمن.

 

وهو كذلك ضرورة لكل مجتمع، حيث السلامة من الفتن والشرور والآفات، وبه يتحقق الاطمئنان والسكون، والرخاء والازدهار، وبه تستقيم المصالح وتحفظ الأنفس، وتصان الأعراض والأموال وتأمن السبل وتقام الحدود، وبفقده تضيع الحقوق، وتتعطل المصالح، وتحصل الفوضى، ويتسلط الأقوياء على الضعفاء، ويحصل السلب والنهب، وسفك الدماء وانتهاك الأعراض، إلى غير ذلك من مظاهر فقد الأمن للمجتمع، وإن المؤمن الصادق لا يرضى بأن تمس بلد الإسلام بسوء، بل يقف معاديا متصديا لكل من يريد التطاول على قيمها وثوابتها، أو يسعى في إشاعة الفوضى فيها، أو الاستجابة لمن يريد زعزعة الاستقرار والإخلال بأمنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى