مقال

الدكروري يكتب عن مراعاة المشاعر والأحاسيس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مراعاة المشاعر والأحاسيس

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن جبر الخواطر ومراعاة المشاعر والأحاسيس من الأمور التي يأمر بها الدين الإسلامي، فهي عبادة تقرب الإنسان من ربه، وتحديدا هذا الشخص الذي يحمل القلب الرحيم يكون محبوب بين الخلق لأنه رؤوف بهم ويحب لهم الخير، ولا يحمل بداخله غل لأصحابه أو لإنسان، ويتجاوز عن أخطائهم ويلتمس لهم الأعذار، فيجب أن تعرفوا أن تعلم أسماء الله الحسنى وصفاته هي عبادة لله، وتدل على محبة الله وخشيته وذكر الله أسماءه في القرآن في مواضع عدة، ومن هذه الصفات اسم الله الجبار في قول الله تعالى “هو الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون” فهو الذي له صفة العلو على مخلوقاته، فسبحانه الجبار المتكبر.

 

فلن يستطيع أحد أن ينفعه أو يضره، قهر الظلمة والجبابرة بجبروته، وهو من علاهم بعظمته ومجده، فعن قول ابن عمر رضي الله عنهما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “يأخذ الجبار سماواته وأراضيه بيده، “وقبض يده، فجعل يقبضها ويبسطها” ثم يقول أنا الجبار، أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ويمكن تفسير اسم الله الجبار بالعلو والقوة، فيمكن تفسيره بالرأفة والرحمة كما جاء سنن الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني واهدني” فإن الله عز وجل يجبر الضعيف بالقوة، والفقير بالغنى، والمنكسرة قلوبهم بزوال الكسر، وحلول الفرج ومن أعظم لطفه سبحانه وتعالى.

 

أن ينزل في الثلث الأخير من الليل فينادي “هل من داع فاستجيب له، هل من سائل فأعطيه، هل من مستغفر فأغفر له” وقد أخبرنا الله عز وجل في قرآنه الكريم بجبر قلوب أنبيائه، كما طلب نبي الله موسى أن يرى الله ربه، فأخبره الله عز وجل أنه هذا لن يحصل في الدنيا، وجبر خاطره بقوله كما جاء فى سورة الأعراف ” قال يا موسى إنى أصطفيتك على الناس برسالاتى وبكلامى فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين” ولما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من أطيب البلاد إليه، ووقف على تل مرتفع وقال “ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك، والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت”

 

فجبر الله بخاطره فأنزل عليه هذه الآية “إن الذى فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد” وصدق الله تعالى وعده ودخل مكة، ووعده أنه سوف يعطيه حتى يرضى، فقال الله في سورة الضحى “ولسوف يعطيك ربك فترضى” فإن من يتسم بجبر الخواطر يدل على سلامة صدره وسمو نفسه، ورجاحة عقله، فكانت هذه من صفات النبي الكريم فقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما بالخلق، يجبر خاطرهم، لا يعيب طعاما قط، ويعود المريض، ويسأل عن الغائب، وكان حريصا على كسب مشاعر والود والاحترام، ومن مواقف جبر الرسول صلى الله عليه وسلم لخاطر الصحابة عندما كشفت الريح ساق ابن مسعود رضي الله عنه، فضحك الصحابة عليه، فجبر الله بخاطره، وأعلى من شأنه.

 

فقل “والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد” وهكذا يعمل جبر الخواطر على البهجة والسرور في قلب أخيك المؤمن، فصافحه وعانقه، وشاركه في الحزن والفرح، وليكن للأهل نصيب من جبر الخواطر، وخاصة الوالدين والزوجة والأولاد، وتذكروا أنها عبادة عظيمة أمرنا الله بها، فجبر الخواطر أمر عظيم، وخلق إنساني نبيل، يدل على سلامة الصدور، وسمو النفس، ورجاحة العقل، ويجبر بها الخواطر المنكسرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى