مقال

الدكروي يكتب عن الصدق خصلة محمودة

جريدة الاضواء

الدكروي يكتب عن الصدق خصلة محمودة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إنه في ظل تعاليم الإسلام السمحة وحضارته الوارفة وترغيبه في طلب العلم وتكريمه للعلماء نبغ المسلمون في العلوم كلها والتمسوا المعرفة من الشرق والغرب فترجموا كتب العلوم الفارسية واليونانية وغيرها وشجع الخلفاء على هذه الحركة العلمية حتى كان الخليفة المتوكل يعطي حنين بن إسحاق أشهر المترجمين وزن ما يترجمه ذهبا ولم يقتصر المسلمون على الترجمة، بل تابعوا البحث والدراسة، والتعديل والتطوير حتى ابتكروا وطوروا وسبقوا غيرهم، ففي ظل إدراك المسلمين لحقيقة العلم وقيمته وقد برز أبو بكر الرازي أول من عمل عملية إزالة الماء من العين وظهر ابن سينا الذي كان كتابه الطبي القانون يدرس في جامعتي كمبردج، وأكسفورد.

 

وغيرهما من مشاهير الأطباء كثيرون وبرع جابر بن حيان في علم الجبر، واكتشف كثيرا من أسرار الكيمياء، وكما عرف العرب علم الفلك، فكانوا أول بناة للمراصد الفلكية في العالم، وأول صانعي المناظير أي التليسكوبات فضلا عن تقدمهم في فنون الهندسة المختلفة ومحاولة الطيران في السماء التي كان أول من فكر فيها عباس بن فرناس وإن العلم الذي تنهض به أمتنا هو كل علم نافع، سواء كان من علوم الشريعة أو من علوم الطبيعة وهي كل العلوم التي يحتاجها الناس في حياتهم كالطب والهندسة والزراعة والكيمياء وعلم الأحياء وعلم الفيزياء وعلم الإحصاء وسائر العلوم التي تعد من المقومات الأساسية للنهضة الحضارية.

 

وهي العلوم التي توجّه الإنسان وتأخذ بيده وتيسر له القيام بمهمته في الوجود، وإنه لا ريب أن الصدق خصلة محمودة، وسجية مرغوبة، تألفها الفطر السوية، وتدعو إليها الشرائع السماوية, فهو فضيلة قلما تتوفر في إنسان إلا ورفعته إلى أوج السعادة النفسية, وذروة الكمال الذاتي, ومنتهى مراقي الإنسانية، وأن الناس جبلوا على الاقتداء والتأسي، فإذا رأوا شخصا تقيا ورعا صادقا انتهجوا مناهجه واقتفوا أثره، وإن بالصدق تعلو منزلتك عند الخالق العظيم ويشرف قدرك عند خلقه، وبالصدق يصفو بالك ويطيب عيشك، ومن أجل ذلك كله كان الصدق من أهم المطالب في هذه الحياة، لذا فهو منجاة والطريق إليه صعب المنال، فلا يطيقه إلا أهل العزائم ولا يصبر عليه إلا أصحاب الهمم.

 

فاصدق مع الله تعالى ترى كل خير واستحضر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال”من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه” رواه مسلم، فانظر لما سأل الله وكان صادقا رفعه الله إلى رتبة الشهداء، واحذر الكذب مع الله تعالى فإذا كان الصدق مع الله تعالى بهذه المنزلة، فقد حذر الله عباده من ضد ذلك وبين سوء العاقبة لمن وقع فيه, فإن الكذب رأس الرذائل، فبالكذب يتصدع بناء المجتمع، ويختل نظامه، ويسقط صاحبه من العيون، وتدور حوله الظنون، فلا يصدقونه في قول، ولا يثقون به في عمل، ولا يحبون له مجلسا، أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة، فقال ابن حبان رحمه الله “الصدق يرفع المرء في الدارين.

 

كما أن الكذب يهوي به في الحالين، ولو لم يكن الصدق تحمد إلا أن المرء إذا عرف به قبل كذبه، وصار صدقا عند من يسمعه، لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه، حتى يستقيم له على الصدق ومجانبة الكذب” فإذا عرفنا أن الصدق من أسس دعوته صلى الله عليه وسلم، وهو في مكة، وعلمنا منزلة الصدق من الدين وأنه مما يبدأ به في الدعوة، إلى أي شيء ندعو الناس إليه كالتوحيد وأشياء كثيرة، منها ما جاء في حديث هرقل مع أبي سفيان، والحديث في البخاري قال له “سألتك ماذا يأمركم؟ فزعمت أنه أمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة قال وهذه صفة نبي” رواه البخاري، فبعد الصلاة مباشرة أمرهم صلى الله عليه وسلم، بالصدق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى