مقال

الدكروري يكتب عن السيادة والكبرياء ليست معيارا للحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السيادة والكبرياء ليست معيارا للحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

عندما ابتعد الإنسان عن طريق الحق وقاموا بالتقليد الأعمي للكافرين وأرداهم التقليل الأعمي موارد التهلكة فجعلهم يتحسرن ويندمون في وقت لا ينفع فيه الندم أو ما سمعتم قول الله تعالى، علي لسان الفجار فى سورة الملك ” وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير” ولقد دعا الإسلام إلى تحرير العقل من اتباع السادة والكبراء، فالسيادة والكبرياء ليست معيارا للحق، كما أن الأبوة بمراحلها المختلفة ليست معيارا للحق، ولكن العرب كغيرهم اتبعوا سادتهم وكبراءهم، واعتبروهم أولى بالحق من غيرهم، كما اعتبر الآخرون آباءهم أولى بالحق من سواهم، ومن المؤسف أن يظل الناس وراء هذا الباطل الصراح، الذى لا سند له من منطق ولا علم، ولا هدى ولا كتاب منير.

 

إلى أن تنكشف الحقيقة، ويظهر وجهها علنا للناس، فاضحا ما كانوا عليه من هذيان وترهات، اتضح كذبها، وبان زيفها، وظهر انخداع الجميع بها، ويظهر القرآن هذه المناقشات والمحاجات والمخاصمات بين هذه الطوائف المتشاكسة، من الكبراء المرموقين والفقراء المستضعفين، وما بينهما من مقولات ومصارحات ومصادمات، ولقد خلع المستضعفون والفقراء عقولهم، وتركوها لسادتهم وكبرائهم، فلم يغنوا عنهم شيئا، وتبرؤوا منهم، كما تبرأ الضعفاء منهم، كما حكى لنا القرآن فى هذه السورة سبأ، وفى سورة الأحزاب ” وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا” ومازال القرآن وراء هؤلاء الفقراء والمستضعفين.

 

يقويهم، ويرفع من شأنهم، ويعلى من كرامتهم، ويشعرهم أنهم ليسوا أقل وزنا من هؤلاء المنتفخين بالباطل، المستكبرين بأموالهم وسلطانهم وأتباعهم، ولكن الإنسان لا يعلو إلا بنفسه هو، بما فى رأسه من عقل يفكر، وما فى صدره من قلب يخفق، وما فى جوانحه من مشاعر صادقة، لا تزييف فيها ولا مراءاة، وقد ضل فى هذا الطريق خلق كثير، وبه هلاك عامة الناس، فإن اليهود والنصارى قلدوا آباءهم وعلماءهم فضلوا، وكذلك أهل الجاهلية، واعلم أن العلة التى بها مدحوا التقليد، بها يُذم لأنه إذا كانت الأدلة تشتبه، والصواب يخفى، وجب هجر التقليد لئلا يوقع فى ضلال، وقد ذم الله سبحانه وتعالى الواقفين مع تقليد آبائهم وأسلافهم، فقال الله عز وجل فى سورة الزخرف.

 

” إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آبائكم” والمعنى هو أتتبعونهم وقد قال الله عز وجل فى سورة الصافات ” إنهم ألفوا آباءهم ضالين، فهم على آثارهم يهرعون” فكان من أسباب هلاك الامم سابقا، فقال تعالي فى سورة الزخرف ” فاستخف قومه فأطاعوه، إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين، فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين” ويعد عند الله شر من الدواب، وقال تعالي فى سورة الأنفال “إن شرالدواب عن الله الصم البكم الذين لا يعقلون” وإن الإسلام يحث على النظر فى الكون، فإذا تأملنا كيف مد الله البحار، وخلطها، وجعل مع ذلك بينه حاجزا ومكانا محفوظا، فلا تبغي محتويات بحر على بحر.

 

ولا خصائص بحر على آخر عندما يلتقيان “إن في ذلك لآيات لأولي النهى” فقيل أن في إيران أنهار عندما تلتقي بمياه البحر ترجع مياهها عائدة إلى مجاريها التي جاءت منها، وقيل أن نهرالأمازون يجعل مياه المحيط الأطلسي عذبة لمئات الكيلو مترات من مصبه فيه فلا يختلط بمياه المحيط الأطلسي، وتلتقي مياه المحيط الأطلسي بمياه البحر الأبيض فتبقى مياه البحر الأبيض أسفل لثقلها ولكثرة ملحها وتعلو مياه المحيط لخفتها، وكل بمقدرة، وكذلك لا تختلط مياه البحر الأسود بمياه البحر الأبيض عندما تلتقي بل تشكل مجريين متلاصقين فوق بعضهما البعض، فمياه الأسود تجري في الأعلى نحو مياه البحر الأبيض لأنها أخف، ومياه البحر الأبيض تجري في الأسفل لأنها أثقل فتجري نحو البحر الأسود، فتبارك الذي “مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا لا إله إلا هو سبحانه وتعالى عما يشركون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى