مقال

الدكروري يكتب عن عجائب البحر العظيمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عجائب البحر العظيمة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن عجائب البحر أعظم من أن يحصيها أحد إلا الله عز وجل، ولقد كشف علماء البحار من النصف الثاني من القرن العشرين أن في البحار أمواجا عاتية دهماء مظلمة حالكة، إذا أخرج المرء يده لم يكد يراها فعلى عمق ستين مترا عن سطح البحر يصبح كل شيء مظلما في البحار، بمعنى أننا لا نستطيع رؤية الأشياء في أعماق تبعد ستين مترا عن سطح البحر، ولذلك زود الله الأحياء البحرية التي تعيش في أعماق البحار اللجية بنور تولده لنفسها ومن لم يجعل الله له نورا في تلك الظلمات فما له من نور، وقد نسي هؤلاء المكتشفون أن الله ذكر تلك الظلمات في قوله قبل أن يخلقوا وآباؤهم وأجدادهم “أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور”

 

وقد ترجم معنى هذه الآية لعالم من علماء البحار أفنى عمره في ذلك وظن أنه على شيء وأنه اكتشف شيئا وجاء بشيء فيه إبداع، فقال في دهشة بعد ترجمة الآية إن هذا ليس من عند محمد الذي عاش حياته في الصحراء ، ولم يعاين البحر ولججه وظلماته وأمواجه وشعبه، إن هذا من عند عليم خبير ثم شهد شهادة الحق ودخل في دين الله، نعم لا يملك إلا ذلك، من واصف الظلمات في قعر البحار سوى الله العليم البارى، سبحانه ملكا على العرش استوى وحوى جميع الملك والسلطان، لا إله إلا الله كيف تعمى العيون وتعمى القلوب عن آيات الله، أإله مع الله ، تعالى الله عما يشركون، وقد سأل رجل أحد السلف عن الله ، قال له ألم تركب البحر؟ قال بلى، قال فهل حدث لك مرة أن هاجت بكم الريح عاصفة.

 

قال نعم، قال وانقطع أملك من الملاحين ووسائل النجاة، قال نعم، قال فهل خطر ببالك وانقدح في نفسك بأن هناك من يستطيع أن ينجيك إن شاء، قال نعم، قال فذاك هو الله لا إله إلا هو وسع كل شيء علما، فهو سبحانه وتعالى القائل فى سورة يونس”هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرينا بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموت من كل مكان وظنوا أنه أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون” ومن عجائب البحر التي تدل على إدراكه وعبوديته لله جل وعلا.

 

أنه يعظم عليه أن يرى ابن آدم يعصي الله عز وجل مع حلم الله عليه فيتألم البحر لذلك ويتمنى هلاك عصاة بني آدم بل ويستأذن ربه في ذلك، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” ليس من ليلة إلا والبحر يشرق فيها ثلاث مرات يستأذن الله أن ينتضح عليهم، أي على العصاة، فيكفه الله بمنه وكرمه” رواه احمد، فلا إله إلا الله، البحر يتمعر، ويتمنى إغراق العصاة، ويستطيع لكنه مأمور، ومنا من لا تحرك فيه المعصية ساكنا، تنتهك حرمات الله ، وتتجاوز حدوده ، وتضيع فرائضه، ويعادى أولياؤه ، ثم لا تتمعر الوجوه، فأين الإيمان يا أهل الإيمان؟ إن في ذلك لآية وكم لله من آية، فتأملوا يا أولي الألباب، والكون من آياته، والآفاق من آياته، تشهد بوحدانيته.

 

فإن تأملت ذلك عرفت حقا كونه موحدا خالقا؟ وكونك عبدا مخلوقا، الكون كتاب مسطور ينطق تسبيحا وتوحيدا، وذراته تهتف تمجيدا، فقال تعالى فى سورة لقمان ” هذا خلق الله فأرونى ماذا خلق الذين من دونه” وإن تعاقب الليل والنهار نعمة عظيمة إذ هي تنظم وجود الأحياء على الأرض، من نمو النبات، وتفتح الأزهار ونضج الثمار، وهجرة الطيور والأسماك والحشرات، ومن شاء فليتصور ليلا بلا نهار، أو نهارا بلا ليل، كيف تكون الحياة؟ أما إنها لو سكنت حركة الشمس لغرق نصف الأرض في ليل سرمدى، وغرق نصفها الآخر في نهار سرمدى، وتعطلت مع ذلك مصالح ومنافع، ومن عاش في المناطق القطبية بعض الوقت عرف نعمة تعاقب الليل والنهار، إذ يبقى النهار لمدة ستة أشهر، والليل كذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى