مقال

الدكروري يكتب عن طرق الكسب الحلال والعمل المباح

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن طرق الكسب الحلال والعمل المباح

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد أوجب الشرع الحنيف على المسلم أن يطلب المال من طرق الكسب الحلال والعمل المباح، حتى يستغني المرء به عن ذل السؤال للغير وينير القلب، وكما هو من أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء، أما الكسب الخبيث فإنه شؤم وبلاء على صاحبه، وبسببه يقسو القلب، وينطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار، ويمنع إجابة الدعاء، ففي الحديث عند الطبراني وغيره أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال يا رسول الله، ادعو الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “يا سعد، أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده، إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبل منه عمل أربعين صباحا، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به”

 

ولذا كان السلف الصالح في غاية الخوف من أكل الحرام والمبالغة في التحذير منه، حتى قال بعضهم لو قمت في العبادة قيام السارية ما نفعك ذلك حتى تنظر فيما يدخل بطنك، ومن قصص العرب أن رجلا كانت عنده فرس معروفه بأصالتها، سمع به رجل فأراد أن يسرقها منه، واحتال لذلك بأن أظهر نفسه بمظهر المنقطع في الطريق عند مرور صاحب الفرس، فلما رآه نزل إليه وسقاه ثم حمله وأركبه فرسه، فلما تمكن منه أناخ بها جانبا وقال له “الفرس فرسي وقد نجحت خطتي وحيلتي” فقال له صاحب الفرس “لي طلب عندك” قال “وما هو؟” قال “إذا سألك أحد كيف حصلت على الفرس؟ فلا تقل له احتلت بحيلة كذا وكذا، ولكن قل صاحب الفرس أهداها لي” فقال الرجل لماذا؟

 

فقال صاحب الفرس حتى لا ينقطع المعروف بين الناس، فإذا مر قوم برجل منقطع حقيقة يقولون لا تساعدوه لأن فلانا قد ساعد فلانا فغدر به” فنزل الرجل عن الفرس وسلمها لصاحبها واعتذر إليه ومضى، فلسانك أمانة إن حفظته من الكذب والغيبة والنميمة، والسخرية بالناس والتجسس عليهم والقذف والفحش واستعملتَه في ذكر الله وتلاوة القرآن وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إن فعلت ذلك فقد أديت أمانة لسانك وجنبت نفسك عذاب الله في الدنيا والآخرة، وعيناك أمانة فإن جنبتهما النظر إلى ما حرّم الله واستعملتهما فيما يعود عليك بالنفع فزت دنيا وأخرى وأذناك أمانة فجنبهما الاستماع إلى ما يغضب الله من سماع اللهو والغناء والغيبة والنميمة، واستعملهما في الاستماع إلى الموعظة الحسنة.

 

وذكر الله وتلاوة كتابه، إذا فعلت ذلك فقد أديت أمانة أذنيك، ورجلاك أمانة، فلا تمشي بهما إلى أماكن اللهو والفسق والفجور وأماكن الظلم والزور والاعتداء والمنكر، ولكن سر بهما إلى صلاة الجماعة في المسجد وصلة الرحم والإصلاح بين الناس وإلى الجهاد في سبيل الله، ويداك أمانة، فلا تمدهما إلى ما يغضب الله، واعمل بهما أعمالا تعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة، وإعلم أن البطن أمانة فلا تدخل فيه ما حرم الله من المال والفرج أمانة فقد مدح الله الحافظين لفروجهم، وأخبر أنهم مفلحون ومن أهل جنة الفردوس، فقال تعالى في سورة المؤمنون ” والذين هم لفروجهم حافظون إلا علي أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون”

 

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه غلام فجاء له يوما بشيء فأكل منه، فقال له الغلام أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكر وما هو؟ فقال تكهنت لإنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فلقيني فأعطاني بذلك هذا الذي أكلت منه، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه، وفي رواية أنه قال لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها، اللهم إني أبرأ إليك مما حملت العروق وخالط الأمعاء، ورُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب لبنا فأعجبه، فقال للذي سقاه من أين لك هذا؟ فقال مررت بإبل الصدقة وهم على ماء فأخذت من ألبانها، فأدخل عمر يده فاستقاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى