ثقافة

الدكروري يكتب عن حُكم إلقاء السلام والرد عليه

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن حُكم إلقاء السلام والرد عليه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن أبواب السماحة في الإسلام كثيرة فمنها السماحه في البيع والشراء والقضاء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى يحب سمح البيع، سمح الشراء سمح القضاء” رواه الترمذي، وأيضا السماحة في الدّين والاقتضاء، حيث قال صلى الله عليه وسلم “رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى” رواه البخاري، وكم نحن بحاجة إلى السماحة في طلب الدّين وإنظار المعسرين، والتجاوز عن المعوزين، حتى تدركنا رحمة الله برحمة خلقه، وكما نحتاج إلي السماحة في قضاء حوائج الناس، فلابد أن نلين لإخواننا، ونسعى لقضاء حوائجهم في تواضع وسماحة، فعن أنس فيما رواه البخاري قال “إن كانت المرأة من نساء المدينة لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت فيمضي معها حتى يقضي حاجتها”

وأما عن حُكم إلقاء السلام والرد عليه، فقد قال الله تعالى فى سورة النساء ” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا” وهذه الآية المباركة دليل على أن رد السلام فرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر على رد السلام، وقال ابن كثير، فى قوله تعالى” وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا” أي إذا سلم عليكم المسلم، فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة، وروى البخاري عن الحسن البصري قال “التسليم تطوع، والرد فريضة” وقال ابن كثير تعليقا على كلام الحسن البصري بأن هذا الذي قال هو قول العلماء قاطبة أن الرد واجب على من سلم عليه، فيأثم إن لم يفعل لأنه خالف أمر الله.

في قوله ” فحيوا بأحسن منها أو ردوها” وقال القرطبي أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، ورده فريضة لقوله تعالى ” فحيوا بأحسن منها” وروى أبو داود عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم” وقال الإمام النووي ابتداء السلام سنة، ورده واجب، فإن كان المسلم جماعة فهو سنة كفاية في حقهم، إذا سلم بعضهم حصلت سنة السلام في حق جميعهم، فإن كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام، وأن يرد الجميع” وقال القرطبي بأن يرد الواحد عن الجماعة.

وينوب عن الباقين، كفروض الكفاية” وإذا سلم مسلم بالغ عاقل على جماعة فيهم صبي، فرد الصبي، ولم يرد السلام إلا هذا الصبي، لا يسقط، لأنه ليس أهلا للفرض، والرد فرض، فلم يسقط به، أما إذا سلم طفل على رجل، وجب على الرجل رد السلام، وأما عن صفة إلقاء السلام ورده، فإن الأفضل أن يقول المسلم “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته” فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحدا، ويقول المجيب ” وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته” ويأتي بواو العطف في قوله “وعليكم” فإن قال المبتدئ بالتسليم السلام عليكم، أو قال السلام عليك، أو سلام عليك، حصل السلام بهذه الألفاظ، أما الجواب فأقله وعليك السلام، أو عليكم السلام، وأما إذا قال عليكم، لم يكن هذا جوابا.

ويشترط أن يكون الجواب على الفور، فإن أخره ثم رد، لم يعُد جوابا، وكان آثما بترك الرد، وإذا لقي المسلم أخاه، فقال المبتدئ “وعليكم السلام” لا يكون ذلك سلاما، فلا يستحق جوابا لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء، وأما عن الإشارة بالسلام بلا لفظ، فقيل بأنه تكره الإشارة بالسلام، سواء كان ذلك باليد وغيرها بدون التلفظ بالسلام لأن ذلك تشبه بغير المسلمين، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتشبّه بهم، وعن عمرو بن العاص رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف” رواه الترمذى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى