مقال

الدكروري يكتب عن إلقاء السلام على من في الحمّام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إلقاء السلام على من في الحمّام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد نقل الإمام القرطبي رحمه الله تعالى إجماع المسلمين على أن الغيبة من الكبائر، وبعد أن صورها الله سبحانه وتعالي أبشع تصوير في آخر الآية، فلا يصح أن تعد في الصغائر، ومن الغيبة ما هو هين بسيط، كعيب الشخص في لباسه أو سيارته وما أشبه ذلك مما لا يتصل بالدين والخلق فإذا قيل أن أمثال هذه الغيبة من الصغائر كان مقبولا، أما ما يتعلق بالدين والخلق والعرض فلا والغيبة محرّمة بالإجماع ولا يستثنى من ذلك إلا في الجرح والتعديل والنصيحة كقوله صلى الله عليه وسلم لما استأذن عليه الرجل الفاجر ” ائذنوا له وبئس أخو العشيرة ” وكقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله تعالى عنها وقد خطبها معاوية وأبو الجهم ” أما معاوية فصعلوك.

 

وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه ” وكذا ما جرى مجرى ذلك وقد فسّر الشارع الحكيم الغيبة تفسيرا واضحا فقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قيل يا رسول الله ما الغيبة ؟ قال صلى الله عليه وسلم ” ذكرك أخاك بما يكره ” قيل يا رسول الله أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال صلى الله عليه وسلم ” إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ” والبهتان كذب وزور، والغيبة إثم وفجور وكلاهما شر وثبور، وأما عن إلقاء السلام على من في الحمّام؟ فإنه لا يجوز إلقاء السلام على من بداخل الحمام، ويحرم على الموجود داخله رد السلام، وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول.

 

فسلم عليه، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه، ثم رد عليه السلام” رواه مسلم، وقال القرطبي لا ينبغي أن يسلم على من يقضي حاجته، فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه، وأما عن إلقاء السلام على من لا يسمع؟ فإذا سلم المسلم على مسلم أصمّ لا يسمع، فينبغي أن يتلفظ بلفظ السلام لقدرته عليه، ويشير باليد حتى يحصل الإفهام، ويستحق الجواب، فلو لم يجمع بينهما لا يستحق الجواب، وكذلك لو سلم عليه أصمّ وأراد الرد، وجب عليه أن يتلفظ باللسان، ويشير بيده ليحصل به الإفهام، ويسقط عنه فرض الجواب، وأما عن إلقاء السلام على الأخرس، فهو إذا سلم أحدنا على أخرس، فأشار الأخرس باليد، سقط عنه الفرض لأن إشارته قائمة مقام العبارة.

 

وكذلك لو سلم علينا أخرس بالإشارة، وجب علينا الرد باللفظ، وأما عن إلقاء السلام على الفاسق والمبتدع، فإنه يجب علينا أن ننصح الفاسق أو المبتدع بالحكمة والموعظة الحسنة، مع ذكر الأدلة الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن نسلك جميع السبل الممكنة في نصحه مع التحلي بالصبر، فإذا لم يتوقف الفاسق عن فسقه، والمبتدع عن بدعته، فإننا لا نسلم عليه زجرا له ولأمثاله، ولكن إذا سلم علينا وجب علينا رد السلام، وعن الحسن البصري، قال ليس بينك وبين الفاسق حرمة” رواه البخارى، وقال النووي يستحب هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة، وترك السلام عليهم، ومقاطعتهم تحقيرا لهم وزجرا، وأما عن إلقاء السلام على النساء مِن غير المحارم.

 

فإنه يجوز إلقاء السلام على النساء من غير المحارم، بشرط ألا يترتب على ذلك فتنة، فإذا ترتبت فتنة حرُم إلقاء السلام عليهن، فعن سهل بن سعد أنهم كانوا يصلون الجمعة ثم يأتون إلى عجوز في طريقهم فيسلمون عليها” رواه البخاري، وعن أسماء ابنة يزيد، قالت مرّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا” رواه أبو داود، وعن الحسن البصري قال “كن النساء يُسلمن على الرجال”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى