مقال

الدكروري يكتب عن المعية الخاصة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المعية الخاصة

بقلم / محمــــد الدكــــروري

 

إن الشعور بمعية الله تعالي يوجب الحفاظ على المبدأ والثقة بالله عز وجل، فقد حكى لنا ربنا سبحانه وتعالى قصة نصره وتأييده ورعايته لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالي ” إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا” ولقد أخرجه أهل مكة بعد جهاد طويل معهم، وعروض مغرية، عرضوا عليه المال والنساء والجاه والسيادة عن طريق عمه أبي طالب، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلن عن ثبات موقفه ومبدئه فيقول “والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهِره الله أو أهلك دونه” فالنبي صلى الله عليه وسلم كان صاحب مبدأ ثبت عليه، وحافظ عليه وكان قلبه مطمئنا بالله سبحانه وتعالى.

 

واثقا ومحسنا الظن به، والله تعالى يقول كما ورد في الحديث القدسي “أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء”، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعتقد أن الله سينصره ويؤيده ويمنعه ويدافع عنه في كل المواقف التي سيخوضها في المستقبل، لما أمر الله عز وجل نبيه موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب إلى فرعون لدعوته طمأنهما فقال لهما ” لا تخافا إنني معكما أسمع وأري” وقد قال بعض السلف لأخيه “إن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان عليك فمن ترجو؟” فإن قوله تعالي ” لا تحزن إن الله معنا” قيلت في أحلك الظروف، وأشد المواقف، ومعنى قوله تعالى” إن الله معنا” أي ناصرنا ومؤيدنا، ومعيننا وحافظنا، وهذه ما يطلق عليها العلماء المعية الخاصة، التي تقتضي النصر والتأييد، والحفظ والإعانة.

 

وهذه النصرة والمعية للعبد تكون بحسب قربه من الله، فمن كان لله أكثر تقوى وعبادة كانت معية الله أقرب منه، وقد أدركت معية الله الخاصة نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام حين ألقي في النار، فقال له جبريل علية السلام ألك حاجة الي فقال أما لك فلا وأما إلي الله فنعم فقال الله تعالي “يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم” وكما أدركت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين كان مختبئا في الغار، وأدركت نبي الله يونس عليه السلام حين كان في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وكانت معية الله مع نبي الله يوسف عليه السلام، وهو يسجن سبع سنوات فيسألونه عن تفسير الرؤى، فيتركها، ثم يبدأ بالدعوة فيقول “يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار”

 

فيعلن الوحدانية، فيجد السعادة، وكانت معية الله مع موسى عليه السلام حينما تقابل أتباعه مع جند فرعون وقال أصحابه ” إنا لمدكون” فرد عليهم نبي الله موسى عليه السلام مستشعرا تلك المعية ” فال كلا إن معي ربي سيهدين” وكانت معية الله مع نبي الله يونس عليه السلام حينما ألقي في البحر في ظلمات ثلاث فقال ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين” فرد سبحانه وتعالي فقال ” فاشتجبنا له ونجيناه من الغم، وكذلك ننجي المؤمنين” ولما أمر الله موسى وهارون عليهما السلام بالذهاب إلى فرعون لدعوته طمأنهما فقال ” لا تخافا إنني معكما أسمع وأري” فيقول قتادة رحمه الله تعالى “من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تُغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل.

 

وكتب بعض السلف إلى أخ له، أما بعد فإن كان الله معك فمن تخاف، وإن كان عليك فمن ترجو” فاشدد يديك بحبل الله معتصما، فإنه الركن إن خانتك أركان، فقوله تعالي ” لا تحزن إن الله معنا” يحتاجها المسلم في كل آن فإذا تكاثف همك، وكثر غمك، وتضاعف حزنك فقل لقلبك ” لا تحزن إن الله معنا” وإذا ركبك الدين، وأضناك الفقر، وشواك العدم فقل لقلبك” لا تحزن إن الله معنا” وإذا هزّتك الأزمات، وطوقتك الحوادث، وحلت بك الكربات فقل لقلبك إن الله معنا” ولو وقفت الدنيا كل الدنيا في وجهك، وحاربك البشر كل البشر، ونازلك كل من على وجه الأرض فلا تحزن لأن الله معنا، ولننظر إلي معية الله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار ثور حيث قال تعالي ” إلا تنصروه فقد نصره الله”

 

فيا أهل مكة، ويا قريش، ويا أيها العرب إذا لم تجتمعوا على نصرة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى نصره، وأيّده، ولم يتخلي عنه ولن يتخلى عنه أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى