مقال

الدكروري يكتب عن كان فاحشة وساء سبيلا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كان فاحشة وساء سبيلا

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الطلاق في اللغة هو التحرر من الشيء والتحلل منه وجمعه أطلاق، والفعل منه طلق، فيقال طلق المسجون أي تحرر من القيد، وطلقت المرأة من زوجها أي تحللت منه، وخرجت عن عصمته، وكذلك أيضا هو الانشراح والبسط والعطاء، وذلك حين يُقال طلق يده بالخير أي بسطها وبذلها للعطاء، وطلقه مالا أي أعطاه إياه، وكما يُعرّف الطلاق اصطلاحا بأنه هو إزالة عقد النكاح بلفظ مخصوص، أو بكل لفظ يدل عليه، والنكاح الذي يعتبر به الطلاق هو النكاح الذي وقع صحيحا بكل شروطه وأركانه، والأصل فيه أن يكون بيد الزوج وحده، ولذلك جاء في بعض تعاريف الطلاق أنه قطع النكاح بإرادة الزوج، ويصحّ أن ينيب ويوكل غيره بالطلاق، ويصحّ دون إنابة، وذلك للقاضي وحده.

 

وكما تحصل الفرقة بين الزوجين بالخلع أيضا بناء على طلب الزوجة أو وليّها إن لم تستطع الاستمرار في علاقتها مع زوجها بالنظر إلى الضوابط المحددة والمقررة، وكما قد يقع التفريق بين الزوجين من قِبل القاضي بناء على عدة شروط واعتبارات، ويترتب عليها حقوق للطرفين، والطلاق في كتاب الله مرتان، ثم في الثالثة إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، حيث يقول تعالي “الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” لكنه كذلك في شرع الله نوعان، طلاق رباني وطلاق شيطاني، وإن العاقل يعلم أن الله الذي أنعم بهذه النعم قادر على سلبها، ولذا فهو يشكر الله على نعمه، ويخشى أشد الخشية من الوقوع في أي أمر يغضب الله تعالى, فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم.

 

كما جاء فى سورة النازعات ” وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى” وأما من انساق وراء شهوته، واتبع هواه، فقد انحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة الحيوانية، فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة الفرقان ” أرأيت من أتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ” ولذا نقول أن الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، ولا فرق في الأصل بين أن يصدر هذا الفعل الشنيع من رجل أو امرأة، متزوج أو غير متزوج ، وقع فعله القبيح كردة فعل لما صدر من الطرف الآخر أو لا ، كل هذا زنا وكله داخل تحت قوله تعالى كما جاء فى سوة الإسراء ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ”

 

وكل هؤلاء داخلون تحت قوله تعالى كما جاء فى سورة الفرقان ” والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب” وكذلك فإن الزنا أصحابه عرضة لأن يشملهم الوعيد الوارد في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام وفيها ” فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل “وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني” رواه البخارى.

 

ولذا فلا يجوز للمسلم أن يفكر في معصية الله تعالى وانتهاك حرماته بسبب أن غيره فعل ذلك، فأى عقل يدعو إلى هذا؟ وأى دين يسمح للمسلم بهذا؟ وإن إثم الزنا وعقوبته سواء في حق الرجل والمرأة ولا نعلم في ذلك خلافا، فكل منهما مرتكب لمعصية كبيرة، وعقوبتهما إن كانا غير محصنين سواء، وعقوبتهما إن كانا محصنيين سواء، وزنى الرجل بامرأة متزوجة أشد إثما من زناه بغير المتزوجة، لأنه انضاف إلى المعصية والكبيرة ذنب آخر وهو أن يُدخل على زوج المزني بها من ليس منه، ويؤدي إلى اختلاط الأنساب، وكذلك زنى المرأة المتزوجة أشد إثما من زنا غيرها لأنها تدخل على زوجها من النسل من ليس منه، هذا بالإضافة إلى ما قد ينجر من الأمراض الفتاكة عن ارتكاب الفواحش، ولا شك أن من أصيب بشيء منها فهو عرضة إلى نقله إلى غيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى