ثقافةدين ودنيا

الدكروري يكتب عن شروط الطلاق

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شروط الطلاق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الرجل هو الأصل، والمرأة هي الفرع، وهو الكل وهي الجزء، ولا حياة للكل إلا بجميع أجزائه، ولا حياة للجزء إلا بانتمائه لأصله، ولذلك كانت القوامة للرجل، وهذه القوامة يجب أن تفهم فهما صحيحا، فهي لا تعني الاستعلاء ولا الإرهاب وإنما تعني المسئولية، وهي مسئولية الراعي نحو رعيته، ومسئولية أصل الشجرة نحو فروعها، وأصل الشجرة قوي ثابت في الأرض يمتص من الأرض الماء والغذاء ويمد بهما الفروع، وأصل الشجرة هو الذي يحمل الفروع فتحيا بحياته، وتأمل في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُعلم رجال أمته كيف يتعاملون مع نسائهم فيقول”ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم” رواه الترمذي، وكلمة عوان تعنى أسرى.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالإحسان في معاملة الأسير وهو عدو، فكيف إذا كان الأسير حبيب؟ وأما عن شروط الطلاق فإنه تتعلق بكل ركن من أركان الطلاق مجموعة من الشروط، وهى شروط المطلق وأنه يشترط في المطلّق أن يكون زوج فلا يقبل الطلاق من غير الزوج باتفاق الفقهاء، وأن يكون مكلف أي بالغ عاقل، فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم وقوع الطلاق من الصبى، سواء أكان مميِزا، أم لا، استدلالا، بقول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” رُفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يحتلم” وقد استدلوا من المعقول بأن الطلاق من القرارات التي تحتاج إلى عقل وإدراك.

كما أنه من التصرفات التي تلحق الضرر، فلا يصح وقوعه من الصبي حتى وإن كان مُميِزا، أما الحنابلة فأجازوا طلاق المُميِّز الذي يعقل الطلاق ولو كان عمره دون العشر سنوات، ويصح توكيله في الطلاق استدلالا بعموم قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إنما الطلاق لمن أخذ بالسَّاق” وقوله صلى الله عليه وسلم ” كل الطلاقِ جائز إلا طلاقَ المعتوه والمغلوب على عقله” ولا يُقبل طلاق المجنون، والمدهوش الذي لا يُميّز أقواله وأفعاله بسبب حالة انفعال ما، ومن مثلهم، كالمغمى عليه، وهو ما عُرف شرعا بالإغلاق أي يمنع من الإدراك والفهم، لحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا طلاق ولا عتق في إغلاق” وأن يكون مختارا، أي ألا يكون المُطلق.

مُكرها على الطلاق، وذلك باتفاق الفقهاء، وأن يكون عاقل للطلاق وهو شرط عند الحنابلة، وأما عن شروط القصد ويُقصد به إرادة التلفظ، وإرادة المعنى الذي وُضع له، أي ألا يقصد الزوج غير معنى الطلاق بما تلفظ به، ولا يقع طلاق المُعلم الذي يذكره، وربما يكرره بقَصد التعليم، أو الذي يرويه عن نفسه، أو عن غيره لأنه يقصد الحكاية وليس الطلاق، وكذلك لا يقع طلاق غير الناطق بالعربية الذي لا يفهم معنى الطلاق وتلفظ به، ولا يقع طلاق النائم لأنه لم يقصده، وأما عن شرط محل الطلاق ويقصد بمحل الطلاق هو الزوجة التي يقع عليها الطلاق، ويُشترط فيها أن تكون في حال زواج صحيح قائم، ولو قبل الدخول، أو في عدة طلاق رجعى، إذ لا تزول الزوجية بين الزوجين.

قبل انتهاء عدة الطلاق الرجعى، ألا تكون في عدة طلاق بائن بينونة كبرى، لأن الزوج بذلك يكون قد استنفد حقه في عدد مرات الطلاق، ولا فائدة من طلقة أخرى، أما إن كانت المرأة في عدة طلاق بائن بينونة صغرى فقد اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق عليها أثناء العدة فذهب الجمهور من الشافعية، والمالكية، والحنابلة إلى عدم وقوع طلاق آخر عليها لأن الطلاق البائن ينهي رابطة الزوجية، فلم تعد الزوجة محلا للطلاق، أما الحنفية فقالوا بوقوع الطلاق على المرأة أثناء العدة بسبب بقاء بعض أحكام الزوجية، كالنفقة، وعدم جواز زواجها من رجل آخر، وأن تكون معينةً وإما بالإشارة، أو بالصفة، أو بالنية، فقد اتفق الفقهاء على اشتراط تعيين المطلقة، خاصة لمن لديه عدة زوجات.

فلا بد من أن يعين الزوجة التي يريد تطليقها منهن إما بوصفها، أو بالإشارة إليها، أو بنية تطليقها، أما من لديه زوجة واحدة، فإن الطلاق يقع عليها حال صدوره من زوجها، وأما عن حكم طلاق الحامل، فقد اتفق الفقهاء على صحة وقوع طلاق الحامل، سواء كان طلاقا رجعيا، أو بائنا، ويجوز لزوجها أن يراجعها أثناء العدة في الطلاق الرجعي، وبعد انتهاء العدة في الطلاق البائن بينونة صغرى، أما إن طلقها طلاقا بائنا بينونة كبرى، فلا تحل إلا بعد وضع الحمل، ولا تجوز له إلا بعد أن تتزوج زوجا آخرا بعد وضع الحمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى