مقال

الدكروري يكتب عن بهجة الحياة وزينتها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن بهجة الحياة وزينتها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الأطفال هم بهجة الحياة وزينتها، وجمالها وفتنتها، وفى الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم بسبى، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذ وجدت صبي في السبي، فأخذته فألصقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ فقلنا لا والله، فقال صلى الله عليه وسلم” الله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها” وروى البخارى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاءت امرأة إلى السيدة عائشةَ رضي الله عنها ومعها صبيان، فأعطتها عائشة رضي الله عنها ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيّان التمرتين، ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها.

 

فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته السيدة عائشة رضي الله عنها فقال صلى الله عليه وسلم “وما يعجبك في ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبيّيها” وكلنا يرى ما أودعه الله في قلوب الأبوين من الرحمة للولد، حتى في البهائم، وهذا ليس بمستغرب إنما الذي يستغرب أن يفرط زمام هذه المحبة لدى الوالدين حتى يعود بالضرر على الولد، ولقد تفاقم الوضع وتعاظم الأمر وتطاير الشرر عندما تخلى الآباء عن مسؤولية التربية الصحيحة وأهملوا الإلمام بأسس العناية السليمة فليست التربية عنف كلها ولا رخو جلها بل شدة فى غير عنف ولين فى غير ضعف هكذا هي التربية، أما أن يعتقد أب أو تظن أم أن التربية تكبيل بالسلاسل وضرب بالحديد والمناشير وسجن في غرفة مظلمة مدلهمة.

 

فيخرج لنا جيل تسيل دماؤه، وتنتفخ أوداجه يخاف من خياله ويهرب من ظله ويغضب ويثور لأتفه الأسباب، فيكن العداء لأمته، والبغضاء لوطنه، فليس ذلك بمطلوب ولا مرغوب، ألا فاعلموا أيها الناس أن شريعة الإسلام لم تأتي بمثل هذا العنف والجبروت والهجية والعنجهية، بل الإسلام دين الرحمة والرأفة، لاسيما الرحمة ببني الإنسان، فاتقوا الله أيها الآباء في فلذات الأكباد، ولا يقودنكم الغضب لظلم أبنائكم والإساءة إليهم، ثم تطلبون صلاحهم وطاعتهم، فذلكم النقيض وضده ولا يلتقى النقيضان، وربما كان هناك آباء فقدوا زمام التربية، فانحل أبناؤهم وضاع أولادهم فلم ينصاعوا لأوامرهم، وهذا أمر مشاهد وملموس، فهؤلاء الشباب الذين تجاوزوا العشرين من أعمارهم أو أقل، تراهم في الطرقات.

 

وفي السيارات، ضياع وتيه تعرفهم بسيماهم، قبلتهم الملاعب، وتجارتهم المثالب، شرهم أكثر من خيرهم، آذوا الجار، وامتحنوا القريب وبعيد الدار، إذا سألت عن أخبارهم تنبؤك عنها طواقيهم وقبعاتهم، غطرسة وعربدة، أينعت رؤوسهم وحان قطافها، فأين عنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لقد فقدت الأمة درته، وسُلبت هيبته، فمن ضعف أمام أبنائه، فلا يتركهم هملا وسبهللا، وقال ابن القيم رحمه الله ” من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم، ولم ينفعوا آباءهم ” ولقد بيّن أن الذين فقدوا شرع الله هم شر حتى من البهائم، البهائم أهدى منهم سبيلا،

 

هذا الإنسان الذى فقد الدين، فقد تعاليم الإسلام، فعاد قاسي القلب، غليظ الطبع، لا يبالي بأى إنسان كائنا من كان، لماذا؟ لأنه في حياته لا دين يركن إليه، ولا مبدأ يؤمن به بل هو مجرم بطبيعته، ظالم بنفسه، سيئ فقد الإيمان، فقد الدين، فكل شر وبلاء هو مصدره، وهو منطلق من ذلك الباب وهو فقدان الدين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى