مقال

حَدِيثُ الصَّبَاحِ

جريدة الاضواء

حَدِيثُ الصَّبَاحِ
أشرف عمر

منْ جَوَامِعُ الْكَلِمِ

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:

*{ إيَّاكُمْ والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَباغَضُوا، وكُونُوا إخْوانًا، ولا يَخْطُبُ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ حتَّى يَنْكِحَ أوْ يَتْرُكَ }.*

رَوَاهُ البُخَاريُ ومُسْلِم.

شرح الحديث:
حثَّتِ الشَّريعةُ على الإصلاحِ بيْن المسلِمينَ وتَوطيدِ الأُخوَّةِ والاجتماعِ بيْنهم، ونَهَتْ عَنْ كلِّ ما يَدْعو لِلفُرقَةِ والتَّباغُضِ والعَداوةِ.

وفي هذا الحديثِ يَنْهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُحَذِّرُ مِن بعضِ ما يُؤدِّي إلى هذه الفُرقَةِ والعَداوةِ والتَّباغضِ؛ فحذَّر صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الظَّنِّ، وهو تُهمةٌ تقَعُ في القَلبِ بلا دَليلٍ، يعني سُوءَ الظَّنِّ بِالمسلِمين، والحديثَ بما لم يُتيقَّنْ مِنَ الأخبارِ، وقال: «إنَّ الظَّنَّ أكذبُ الحديثِ»، أي: يَقعُ الكذبُ في الظَّنِّ أكثرَ مِن وُقوعِه في الكلامِ، وقيلَ: المرادُ بأكذَبِ الحديثِ: حَديثُ النَّفْسِ؛ لأنَّه يكونُ بإلْقاءِ الشَّيطانِ في نفْسِ الإنسانِ. وقيل: إنَّ إثْمَ هذا الكَذِبِ أزْيدُ مِن إثمِ الحديثِ الكاذبِ، أو إنَّ المَظنوناتِ يقَعُ الكذِبُ فيها أكثرَ مِن المَجزوماتِ.

ونَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن التَّجسُّسِ فقال: «وَلَا تَجَسَّسُوا»، والتَّجسُّسُ: البحثُ عَنِ العَوراتِ والسَّيِّئاتِ، والسَّعيُ في كشْفِ سَترِ اللهِ عن عِبادِه، ويُستثنَى منه ما لو تَعيَّنَ ذلك طَريقًا لإنقاذِ إنسانٍ مِن هَلاكٍ أو نحْوِه؛ كأنْ يُخبِرَ أحدُهم بأنَّ فلانًا خَلا برجُلٍ ليَقتُلَه. ثمَّ قال: «وَلا تَحَسَّسُوا» والتَّحسُّسُ: هو طَلَبُ مَعرفةِ الأخبارِ والأحوالِ الغائبةِ، «وَلا تَباغَضُوا» والمرادُ: النَّهيُ عن تَعاطي أسبابِ البَغضاءِ والكراهيةِ، والانسياقِ وَراءَها، وفِعلِ ما يُسبِّبُ العَداوةَ بيْنهم؛ لِمَا في تَباغُضِهم منَ التَّفرُّقِ المذمومِ، «وكُونوا إخوانًا» كما أراد اللهُ لكم؛ حيث جعَلَكم إخوةً في الدِّينِ، وهي رابِطةٌ تلتَئِمُ بها العلاقاتُ بين النَّاسِ، وتَزيدُ المحبَّةَ والأُلفَةَ بيْنهم، كما قال اللهُ تعالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ولا يَخطُبُ الرَّجلُ على خِطبةِ أخيهِ حتَّى يَنكِحَ أو يَتْرُكَ»، يعني: إذا أرادَ مُسلِمٌ خِطبةَ امرأةٍ وظَهَر ذلك، وتقدَّمَ لِخطَبتِها، فلا يُحاوِلْ رجُلٌ آخَرُ أنْ يَخطُبَها لِنفسِه، وهذا الخاطبُ الأوَّلُ إمَّا أنْ يُتِمَّ الزَّواجَ فتَمتنِعَ الخِطبةُ قطْعًا، أو يَتْرُكَ الخِطبةَ، وفي هذه الحالةِ يَحِقُّ لِأيِّ أحدٍ التَّقدُّمُ لخِطبةِ هذه المرأةِ.

صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى