مقال

الدكروري يكتب عن من ساء خلقه قل صديقه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن من ساء خلقه قل صديقه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المجتمع البشري في أشد الحاجة إلى مكارم الأخلاق لأنها غاية من أسمى الغايات، ومن أعظم المقومات للحضارة الإنسانية، ولا يمكن الاستغناء عنها، لذا كانت المهمة الأخلاقية أحسن المهمات لسائر الأديان والمذاهب، وحسن الخلق من أفضل ما يقرب العبد إلى الله تعالى، وإذا أحسن العبد خلقه مع الناس أحبه الله والناس، وذو الخلق الحسن يألف الناس ويألفونه، فحسن الخلق يدل على سماحة النفس وكرم الطبع، وهو يرفع الدرجات وتعلو به الهمم، كما أن حسن الخلق يحول العدو إلى صديق، وإن حسن الخلق أمر مطلوب وواجب على المؤمن، لأن سوء الخلق باب من أبواب الإثم، وينفر الناس ممن اتصف به، ولذلك قيل من ساء خلقه قل صديقه، وروي عن ابن عباس رضى الله عنهما.

 

أنه قرأ “وخلق الإنسان ضعيفا” أي وخلق الله الإنسان ضعيفا، أي لا يصبر عن النساء، وكان يقال لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب، ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك، ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغدا لغيرك، ويكفي قي هذا قول الله تعالى كما جاء فى سورة التغابن “إنما أموالكم وأولادكم فتنة” وقال تعالى كما جاء فى سورة التغابن أيضا “إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم” وقوله تعالى كما جاء فى سورة النور “والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم” وقوله تعالى “غير متبرجات بزينة” أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة لينظر إليهن، فإن ذلك من أقبح الأشياء وأبعده عن الحق.

 

والتبرج هو التكشف والظهور للعيون، ومنه بروج مشيدة، وبروج السماء والأسوار، أي لا حائل دونها يسترها، وقيل للسيدة عائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين، ما تقولين في الخضاب والصباغ والتمائم والقرطين والخلخال وخاتم الذهب ورقاق الثياب؟ فقالت رضى الله عنها يا معشر النساء، قصتكن قصة امرأة واحدة، أحل الله لكن الزينة غير متبرجات لمن لا يحل لكن أن يروا منكن محرما، وقال عطاء هذا في بيوتهن، فإذا خرجت فلا يحل لها وضع الجلباب، وعلى هذا “غير متبرجات” غير خارجات من بيوتهن، ثم قيل من التبرج أن تلبس المرأة ثوبين رقيقين يصفانها، وروى عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس،

 

ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا” وقال ابن العربي وإنما جعلهن كاسيات لأن الثياب عليهن وإنما وصفهن بأنهن عاريات لأن الثواب إذا رق يصفهن، ويبدي محاسنهن، وذلك حرام، وقال القرطبى هذا أحد التأويلين للعلماء في هذا المعنى، والثانى هو أنهن كاسيات من الثياب عاريات من لباس التقوى الذي قال الله تعالى فيه “ولباس التقوى ذلك خير” وأنشد الشاعر قائلا، إذا المرء لم يلبس ثياب من التقى تقلب عريانا وإن كان كاسيا، وخير لباس المرء طاعة ربه ولا خير فيمن كان لله عاصيا، وقال القرطبى هذا التأويل أصح التأويلين، وهو اللائق بهن في هذه الأزمان، وخاصة الشباب، فإنهن يتزين ويخرجن متبرجات.

 

فهن كاسيات بالثياب عاريات من التقوى حقيقة، ظاهرا وباطنا، حيث تبدي زينتها، ولا تبالي بمن ينظر إليها، بل ذلك مقصودهن، وذلك مشاهد في الوجود منهن، فلو كان عندهن شيء من التقوى لما فعلن ذلك، ولم يعلم أحد ما هنالك، ومما يقوي هذا التأويل ما ذكر من وصفهن في بقية الحديث في قوله “رؤوسهن كأسنمة البخت” والبخت ضرب من الإبل عظام الأجسام، عظام الأسنمة، شبه رؤوسهن بها لما رفعن من ضفائر شعورهن على أوساط رؤوسهن، وهذا مشاهد معلوم، والناظر إليهن ملوم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى