مقال

الدكروري يكتب عن حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن مكر السيئات هو سبب للزلازل والعقوبات، وقد شهدنا زلازل عظيمة أهلكت بشرا كثيرا، ودمرت عمرانا عظيما، فنعوذ بالله تعالى من الجرأة على شريعته، وانتهاك حرماته، وتحريف آياته، والغفلة عن نذره، والأمن من مكره، ونسأله الهداية والعافية لنا وللمسلمين أجمعين، إنه سميع مجيب، فإنه متى استقرت حقيقة الإيمان في نفوس المؤمنين، وتمثلت في واقع حياتهم، تجردا لله، ومنهجا للحياة، ونظاما للحكم، وزادا للآخرة، في القوة والضعف، في الفقر والغنى، في العسر واليسر، ارتقت الأمة إلى مكانتها المستحقة، فيقول الله عز وجل في سورة آل عمران ” ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” أي بمعني أنتم الأعلون فلا تحزنوا، وأنتم الأعلون فلا تهنوا، أنتم الأعلون إذا حققتم شروط الإيمان.

 

والمسلم يتقلب بين الخوف والرجاء، والترهيب والترغيب، والوعد والوعيد، لذلك عليه أن يجعل دنياه مزرعة لآخرته، فيعمل لمعاده كما يعمل لمعاشه، ويعمل لغده كما يعمل ليومه، ويعمل لآخرته كما يعمل لدنياه، هكذا يوجه الله عباده في القرآن الذي نزل من أعلي من فوق سبع سموات، وإن المؤمن في الجنة يرجو كذلك الفردوس الأعلى فثبت عن أنس بن مالك أن حارثة بن سراقة قتل يوم بدر، وكان في النظارة أصابه سهم طائش فقتله، فجاءت أمه فقالت يا رسول الله، إن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرين الله ما أصنع، وتعني من النياحة والبكاء، وكانت لم تحرّم بعد، فقال لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “ويحك أهبلت؟ إنها جنان ثَمان، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى”

 

وفي قصة نبي الله موسى عليه السلام ” قلنا لا تخف إنك أنت الأعلي” أي لا تخف إنك أنت الأعلى فمعك الحق ومعهم الباطل، معك العقيدة ومعهم الحرفة، معك الإيمان بصدق ما أنت عليه، ومعهم الأجر على المباراة ومغانم الحياة، أنت مُتصل بالقوة الكبرى، وهم يخدمون مخلوقا بشريا فانيا، مهما يكن طاغية جبارا لا تخف، وإن طريق القمة ليس مفروشا بالورود، لكنه يصل بالسالكين إلى أجمل الورود، وأزكى الرياحين، وأنضج البساتين، على جنباته أنوار، وفي طياته إيمان وأسرار، طريق إلى السمو والعلو، على مرتاديه أن يُغيروا ما بأنفسهم؛ حتى يغيّر الله ما بهم، ويحفظوا ربهم فيحفظهم، ويدعوه فيستجيب لهم، ويسألوه فيعطيهم، أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا فيصلوا إلى بغيتهم.

 

إنه طريق الواثقين المتقين، أما المنافقون، فهم في الدنيا متسلقون ومخادعون ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادغهم” وحيثيات الخداع ” وإذا قاموا غلي الصلاة قاموا كسالي يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” وإن من عوامل الفسق هو التسفل والانحطاط، فيقل الله عز وجل ” يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون” وإنهم في الآخرة سافلون، لهم في جهنم دركات، ليست كدرجات المؤمنين في الجنة، كيف؟ فيقول تعالى “إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا” وإن قيام الليل عبادة عظيمة، وسنة جليلة، وصفة كريمة، من اتصف بها كان من الفائزين السعداء، ومن تحلى بها كان من المتقين النبلاء، لأنه لا يقدر عليها إلا الموفق الكريم.

 

الذي زكت نفسه، وصفت طويته، وطهرت سريرته، واستقامت علانيته، لذلك وصف الله بها عباده الأخيار الأتقياء، والصالحين من عبادة الأتقياء، الذين اختصهم الله لنفسه وأنعم عليهم سبحانه بعبوديته، وقال الإمام الحسن البصري يعني لا ينامون من الليل إلا قليلا، فهم يكابدون الليل في القيام والركوع والسجود، ومع ذلك يختمون هذه العبادة بالاستغفار، سبحان الله وقدوتهم في ذلك سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه، وجعل الحق جل جلاله المقام المحمود مقرونا بقيام الليل، وهذا يدل على عظيم ما في القيام، لذا قال بعض العلماء عجبت من الليل كيف جعل الله عز وجل فيه هذه الخيرات العظيمة ومع ذلك غفل عنه كثير من الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى