مقال

الدكروري يكتب عن الكلام وتأثيرة علي الإنسان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الكلام وتأثيرة علي الإنسان

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن من أحد وسائل التعلم والتخاطب هو الكلام، وإن الذي يقرأ غير المستمع للكلام الذي يخرج من اللسان، وينبع من تقاسيم الوجه ويرى التعابير تنبع من العينين، ويرى تغيرات الوجه، كل هذه تضفي مشاعر على السامع ولو كان الكلام عبر الكتابة أو عبر الهواتف ما فيه من الرقة لما كان تأثيره كتأثير من يتخاطب أمامك وكتأثير من يتخاطب معك ويدك إلى يده أو يده في جسدك ويده تمسح رأسك أو تمسح دمعه من عينيك أو ما شاكل ذلك، وأن تأثير هذا تأثير غريب وتأثير عجيب فإن الكلام له جزء بسيط من التأثير، وتقاسم الوجه وتأثيراته وتغيرات العينين تأخذ القسط الأعظم، لعله يزيد أو يقارب السبعين في المائة من التأثير.

 

لهذا تأثرت مشاعرنا وصار البعض يشكو من جفاف مشاعره أو مشاعر غيره نتيجة أن الحياة ارتبطت بالآلات، وهكذا أيضا نبينا صلى الله عليه سلم يولم على إحدى زوجاته ويعطي للناس الطعام ويبقى أناس يتحدثون في البيت، والله تعالى قد أدّب الناس بقوله تعالى كما جاء فى سورة الأحزاب” يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث” ففهم الناس وانصرف من انصرف، وبقي من بقي يتحدثون، ولعلهم يطمعون في أن النبي صلى الله عليه سلم يتحدث معهم، فدخل النبي عليه الصلاة والسلام على زوجته ثم عاد فوجد الناس.

 

ثم دخل فعاد فوجد الناس ولم يتحدث معهم، ولم يقل لهم انصرفوا راشدين، ولو قال لهم لكان ذلك أبرد على إلى قلوبهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم يراعي مشاعر هؤلاء الناس حتى جاء بعض الصحابة، فقال لهم “ألم تروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويخرج” يعني ما فهمتم ما راعيتم مشاعره صلى الله عليه وسلم ماذا تريدون بعد أن أكرمكم؟ فإذا أكرمكم فانطلقوا، ولهذا بعض القبائل أحيانا أو بعض الناس عندهم أسلوب معتاد في مثل هذه القضايا، أنه يطعم الناس، يقدم لهم القهوة، ثم بعد ذلك يطيبهم بالعود، ولهذا يقول بعض القبائل “بعد العود ما في قعود” فينصرف الناس ويمشون، أما أنك تطيل الجلوس وتنتظر ماذا سيقدم.

 

ثم أيضا يبقى يتلفت هنا وهناك ماذا عنده، وماذا صنع وهكذا، ولذلك جعل الشرع لمثل هذا القضايا ضوابط، فجعل صلى الله عليه وسلم الضيافة لا تزيد على ثلاثة أيام مهما كان الحال والضيافة الواجبة يوم وليلة، وهذا حق الإنسان المنقطع وابن السبيل، فما زاد فهو صدقة، لكن بعد ذلك لا يجوز للإنسان أن يحرج على صاحبه فوق هذه المدة، ودخل أعرابي ومشى إلى زاوية المسجد فبال فقام الصحابة يريدون أن يضربوه، وأن يقعوا فيه فقال صلى الله عليه سلم “دعوه” أي اتركوه حتى قضى بوله، ثم قال “صبوا عليه دلوا من ماء” هؤلاء يريدون أن يؤدبوه وهذا مسجد بيت الله، ما بُني لهذا فدعاه النبي عليه الصلاة والسلام قال.

 

“إن هذه المساجد أيها الأعرابي لم تبنى لهذا، إنما بنيت للصلاة وللذكر وللاعتكاف” وغير ذلك، فانظر بين هذين التعاملين، هذا تعامل برفق ورقة ودفء وحنان، وذلك تعامل بغلظة وجفوة، هذا يريد أن يرفسه وهذا يريد أن يلطمه، وهذا يريد أن يجبذه من ثيابه، هذا الأعرابي بعد أن تعلم هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قال “فبأبى هو وأمى ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرنى ولا ضربنى ولا شتمنى” فهكذا يكون احترام المشاعر، فمهما كان الذنب مهما كان الخطأ فليست الأمور بجفوة وليس الأمور بغلظة ولا بقسوة وليست الرجولة بهذه المعاني ولا الإدارة لهذه المعاني، ولا الأبوة بمثل هذه المعاني إلا في أسباب ضيقة جدا.

 

فإن التعامل مع هذه القضايا المحرجة لا يتم إلا بدغدغة المشاعر والعواطف وتنميتها وتربيتها، هذا هو الذي يجذب الناس إليك ويجعلك شخصا محبوبا معظما محترم الأوامر أن تتعامل مع أحاسيس الناس كما تحب أن يتعامل الناس معك ثم يحبونك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى