مقال

الدكروري يكتب عن الوفاء في المدرسة المحمدية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الوفاء في المدرسة المحمدية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان الني الكريم محمد صلي الله عليه وسلم يعلم أصحابة في المدرسة المحمدية، فجلس معهم صلى الله عليه وسلم ذات يوم فسألهم ” أتدرون ما المفلِسُ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلي الله عليه وسلم ” إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ” رواه مسلم، ولقد حدثوه صلى الله عليه وسلم عن مفاليس أهل الدنيا، وحدثهم صلى الله عليه وسلم عن مفاليس يوم القيامة، وحدثوه صلى الله عليه وسلم عن الإفلاس المؤقت.

 

وحدثهم صلى الله عليه وسلم عن الإفلاس الدائم، وحدثوه صلى الله عليه وسلم عن إفلاس قد يأتي بعده غنى ويستغني صاحبه بعده، وحدثهم صلى الله عليه وسلم عن إفلاس لا غنى بعده أبدا، وحدثوه صلى الله عليه وسلم عن إفلاس ربما لا يضر بدين صاحبه، وحدثهم صلى الله عليه وسلم عن إفلاس يدخل صاحبه النار، ويجب أن نعلم أن استحضار حساب القيامة عاصم بإذن الله من الإفلاس، فقد كلم رجل الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز يوما حتى أغضبه، فهمّ به عمر ثم أمسك نفسه، وقال للرجل ” أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان، فأنال منك ما تناله مني غدا ؟ قم عافاك الله، لا حاجة لنا في مقاولتك ”

 

وكما أن الوفاء بالوعد شيء عظيم وصفة حميدة من صفات العبد المؤمن فيجب علي المرء أن يلتزم بمواعيده التي اتفق عليها، وفي هذا ينبغي للإنسان أن يحدد المواعيد، ويضبطها فإذا قال لأحد إخوانه أواعدك في المكان الفلاني، فليحدد الساعة الفلانية، حتى إذا تأخر الموعود، وانصرف الواعد يكون له عذر، حتى لا يربطه في المكان كثيرا، وقد اشتهر عند بعض السفهاء أنهم يقولون أنا واعدك ولا أخلفك، وأن وعدي إنجليزي، يظنون أن الذين يوفون بالوعد هم الإنجليز، ولكن الوعد الذي يوفى به هو وعد المؤمن، ولهذا ينبغي لك أن تقول إذا وعدت أحدا وأردت أن تؤكد إنه وعد مؤمن، حتى لا يخلفه لأنه لا يخلف الوعد إلا المنافقن.

 

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء، فيقال هذه غدرة فلان بن فلان” وقوله “لكل غادر لواء” وقال النووي، معناه لكل غادر علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء الشهرة مكان الرئيس علامة له، وكانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر، لتشهيره بذلك، وقال القرطبي، أن هذا خطاب منه للعرب بنحو ما كانت تفعل لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء، ليلوموا الغادر ويذموه، فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته في القيامة فيذمه أهل الموقف، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن خيار عباد الله الموفون المطيبون” وتشير آيات القرآن الكريم، والأحاديث النبويّة الشريفة إلى وجوب الوفاء بالعهود، والمواثيق، وأظهرت شناعة وعقاب من ينقضهما، أو من يخل بها، حتى أن النكث بالعهود يقود إلى الكفر، وهذا ما حدث مع بني إسرائيل، وغيرهم من الأقوام الذين نقضوا العهد مع الله تعالى، ويترتب على الوفاء بالعهود العديد من الثمرات التي تقود إلى صلاح المجتمع واستقراره، وهي تحصيل التقوى، فالوفاء بالعهود إحدى صفات المتقين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه الحكيم، و تحصيل الأمان الدنيوي، وحقن الدماء، وحفظ حقوق العباد و تكفير السيئات والفوز بالجنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى