مقال

الدكروري يكتب عن هي صلة العبد بربه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن هي صلة العبد بربه

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إن الصلاة هي صلة العبد بربه، والمعبود بخالقه، والحبيب بحبيبه، إنها المناجاة، والتكبير والتسبيح، والإخبات والإجلال، والتوسل والانطراح وهي مع ما فيها من توحيد وتقديس وإجلال ومحبة ورفعة للمرء بها تغفر الذنوب، وتكفر الخطايا، وتمحى السيئات، وهي عماد الدين، وقرة عيون الموحدين، ولا حظ في الإسلام لمن تركها ومن حافظ عليها بوضوئها وركوعها وسجودها كان على الله عهد أن يدخله الجنة، وبعد هذا التوحيد، وهذا الإجلال، وهذه التزكية، وهذا الأداء لحق الواحد الأحد، يأتي الركن الثالث، وهو أداء لحقوق العباد، وقياما بواجب الأخوة الدينية وهو الزكاة وقد جاءت متوسطة لهذه الأركان جاءت لتكون مع ذلك تزكية للنفس.

 

وتهذيبا للروح، وتعويدا على كريم الخلال، وجميل الخصال، فكما أكرمك ربك، وجاد عليك، وآتاك من فضله، يجب أن تكون كريما، معطاء، باذلا للخير والمعروف، وما تبذله لأخيك فهو بذل لربك، وعطاء لخالقك، يرفع به درجاتك، ويعظم به حسناتك، فيعودك على البذل مما تملك، والإنفاق مما تحب، وقد جاءت الزكاة مقرونة بالصلاة في آيات كثيرة، فقال تعالى ” وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة” بل جاءت في أول سورة البقرة في وصف المهتدين بأنهم “الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون” ولقد كثرت الآيات المرغبة في فضل الزكاة والبذل في سبيل الله، فالبذل والكرم والإنفاق صنعة ربانية، وسمة إلهية.

 

والله تعالى أكرم الأكرمين، وجاء بنبيه صلى الله عليه وسلم ليكون أكرم الناس، وأجودهم والواجب على متبعيه ومحبيه أن يهتدوا بهداه، وكما امتحنك الله بالبذل مما تحب في الزكاة، يأتي بعدها الامتحان بالامتناع عما تحب، والإمساك عما ترغب، وذلك بالصيام عن المأكل والمشرب وقبل ذلك صيام النفس، وتهذيب الروح، وإمساك الجوارح فيعيش المسلم شهرا كاملا يزكي فيه نفسه، ويهذب روحه، ويصقل مشاعره فيقول صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وكأن المسلم إذا وحّد ربه، وآمن برسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، أصبح مؤهلا بذلك إلى ضيافة عظيمة.

 

ودعوة كريمة، ومنحة جليلة، فيدعوه ربه إلى رحابه، ويناديه إلى أحب البقاع إليه، ليكرّمه أعظم الإكرام، ويجود عليه بأوسع الجود، ويدعوه إلى ضيافة يعود بعدها كيوم ولدته أمه، ولكنه سبحانه وتعالى يتعطف على المدعوين، ويترفق بالزائرين، فيعذر من لم يستطع إجابة الدعوة، ويقبل عذر من حالت ظروفه عن الحضور، ويسجله في صحائف الحاضرين، وسجلات الزائرين، بنيته الصادقة، ويجعل له عوضا عن هذه الدعوة الجليلة بدائل أخرى ينال فيها حظا كبيرا من الأجر والمغفرة، كصيام يوم عرفة، وصلاة العيد، والتقرب بالأضحية، وكل هذه الأركان عبارة عن مدارس ربانية، ومناهل إيمانية، ومراتع تربوية.

 

تهذب فيها النفوس، وترتقي الأرواح، وتتعود على جميل الخلال، وكريم الخصال، وروائع الأخلاق فيصبح المسلم بالقيام بها مثالا رائعا لكل معاني السمو والرفعة، والخلق والإحسان والمثل، فإن أركان هذا الدين بروعتها وجمالها وجلالها ليست عنتا أو مشقة أو حرجا، بل هي أوامر سهلة، وشرائع يسيرة، وفرائض سمحة، فيها من فنون الخير، وصنوف الفضل، وأبواب المغفرة، وسبل العطاء وراحة النفس، وإرواء الضمائر، ما لا حد له، ولا نهاية لآماده، فعلى المسلم أن يحرص على أركان دينه، وفرائض ربه، وعُمد إسلامه وأن يمضي في مسيرته الإيمانية مع ربه، فيحافظ على الشرائع، ويلتزم المنهج، ويمضي على الصراط المستقيم، للفوز برضوان الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى