مقال

الدكروري يكتب عن خذ الأحوط تكن فى حرز حريز

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خذ الأحوط تكن فى حرز حريز

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

إن حسن الظن بالله عز وجل هو بأن يوجد من الإنسان عمل يقتضي حسن الظن بالله عز وجل، فمثلا إذا صليت أحسن الظن بالله بأن الله تعالي يقبلها منك، إذا صُمت فكذلك، إذا تصدقت فكذلك، إذا عملت عملا صالحا، أَحسن الظن بأن الله تعالى يقبل منك، أما أن تحسن الظن بالله مع مبارزتك له بالعصيان، فهذا دأب العاجزين الذين ليس عندهم رأس مال يرجعون إليه، فأحيانا نجد في قضية شرعية دليلا يمكن أن يجعلها حلالا، وهناك دليل بقوته يمكن أن يجعلها حراما، ماذا تفعل أنت؟ الأحوط تركها، لأن هناك دليلا يجعلها حلالا، ودليلا آخر يجعلها حراما، فالأكمل أن تدعها، لذلك الورع دائما يسلك سبيل الاحتياط، الأحوط خذ الأحوط تكن فى حرز حريز.

 

وأن الحرام حرام على الجميع، وأن التحايل على الحرام حرام، وأن النية الحسنة لا تجعل الحرام حلالا، وأن فى الحلال ما يغنى عن الحرام، وما أدى إلى حرام فهو حرام، وهذه كلها قواعد أساسية فى الحلال والحرام، وإن نسبة الأشياء المحرمة إلى الأشياء المحللة نسبة ضئيلة جدا، ومع ذلك رحمة بالخلق، ومراعاة لضعف الإنسان أحيانا، الله عز وجل في أربع مواضع في كتاب الله قال تعالى فى سورة البقرة ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” وخصوصا في الأطعمة، فما معنى غير باغ؟ فأى إنسان أحيانا يشرف على الموت له أن يأكل لحم الخنزير، هو لا يبغى أن يأكله، لا يتمنى أن يأكله، لا يريد أن يأكله.

 

ولكن أكله مضطرا، فإذا أكله مضطرا هل يأكل منه حتى يشبع؟ لا، يأكل منه القدر الذى يبقيه حيا، لا يتجاوز الحد الذى هو مضطر إليه، وهناك أشخاص إن أخذ ربا يتبحبح فيها، لذلك قالوا الضرورة تقدر بقدرها، ولو إنسان مضطر أن يأكل لحم خنزير، كم لقمة يأكل حتى يزول عنه خطر الموت؟ ليس حتى يشبع، وهنا معنى ” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم” فلا يبغى أن يعصى الله، ولا يبغي التمتع بهذا الحرام، ولا يريد أن يتجاوز الحد الذى ينجيه من الهلاك، وهذا معنى قوله تعالى” فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه” فإن الضرورة التي تبيح المحظور هي الضرورة التي تقدر بقدرها دون أن تزيد عليها.

 

وتوجد قاعدة أصولية تقول إذا بلغ على يقينك أنك وأهلك ومن تعول سيهلكون من الجوع أو العرى أو التشرد عندئذ الضرورات تبيح المحظورات، لكن ما رأيت قاعدة توسع بها الناس وشدوها إلى مصالحهم مثل هذه القاعدة، فيكون ليس مضطرا إلى هذا الشيء ويتوسع به توسعة، فالرفاهية عنده ضرورة، والسفر ضرورة، وفرش البيت ضرورة، ويقول أنا مضطر، ولكن اسأل من المضطر؟ فأريد بشكل قاطع أن تعلموا من هو المضطر، فهو من غلب على يقينه أنه هالك هو وأهله من الجوع أو العرى أو التشرد، فهذا هو المضطر الذي تباح له المحظورات، وإن العلماء صنفوا الحاجات إلى ثلاثة أقسام وهى ضرورات، وحاجات.

 

وتحسينات، وإن التحسينات ليست ضرورة، والحاجة ليست ضرورة، فالضرورة ما توقفت عليها حياتك وسلامتك، فإذا غلب على يقينه أنه ميت، أو سيفقد أحد أعضائه هو ومن معه إما من الجوع أو العرى أو التشرد فهذه هي الضرورة التي تبيح المحظور، لذلك قالوا الضرورة تقدر بقدرها دون أن تزيد عليها، فمثلا لو أن امرأة أصيبت بمرض لا يستطيع معالجته إلا طبيب رجل، لا ينبغى أن يبدو من أعضاء جسمها إلا القدر الذى لابد منه لمعالجتها، وهذا الكلام يقال للطبيب، ويقال للمريضة، فالضرورة تقدر بقدرها فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا يبغى المعصية، ولا يتجاوزها عن القدر الذي يكفيه لا إثم عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى