مقال

الدكروري يكتب عن قصة أصحاب الأيكة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قصة أصحاب الأيكة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كانت الآيات القرآنية تبشر الصحابة بالثواب العظيم، وبالنعيم المقيم في الجنة، جزاء بما صبروا، وما تحملوا من الأذى، وتشجيعا لهم على الاستمرار في طريق الدعوة غير مبالين بما يسمعونه، وما يلاقونه، فالنصر، والغلبة لهم في النهاية، كما بيَّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وكما بيَّن لهم القرآن، كما بيَّن القرآن الكريم في الوقت نفسه مصير أعدائهم، كفار مكة، وبيَّن فضل تمسكهم بالقرآن وإيمانهم به، وبيَّن الله سبحانه فضل التمسك بعبادته برغم الأذى، والتعذيب، وبيَّن جزاء الصبر على ذلك، وهكذا كان القرآن الكريم يخفف عن الصحابة، ويدافع عنهم، ويحصنهم ضد الحرب النفسية، وبذلك لم تؤثر الحملات.

 

ووسائل التعذيب التي شنت على المسلمين في بادئ أمر الإسلام على قلوبهم بفضل المنهج القرآنيِ، والأساليب النبوية الحكيمة، فلقد تحطمت كل أساليب المشركين في محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه أمام العقيدة الصحيحة، والمنهج السليم الذي تَشربه الرعيل الأول، وأما عن أصحاب الأيكة فإن الأيكة هي إحدى قبائل العرب القديمة، وكانو يقطنون في الجهة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، ولهم العديد من الآثار في المملكة العربية السعودية، وقد كانوا يبنون منازلهم في الجبال الصخرية، وامتهنوا رعاية الغنم والتجارة، وأطلق عليهم هذا الاسم لأنهم كانوا يعبدون شجر الأيك، وهو شجر ملتف على بعضه البعض.

 

كما عرفوا بالغش في الأوزان، فبعث الله لهم النبي شعيب لهدايتهم، ولكنهم لم يستجيبوا له، وإن أصحاب الأيكة في التوراة والقرآن ذكر كتاب التوراة أصحاب الأيكة مرات عديدة، وأنهم قوم مدين، وقيل أن مدين هو ابن نبي الله إبراهيم عليه السلام، وأنهم سكنوا صحراء النقب في فلسطين، وقد لجأ إليهم نبي الله موسى عندما فرّ من مصر، وبقي عندهم أربعين سنة، وتزوج إحدى بناتهم، كما يذكر التوراة بأنهم تحالفوا مع العمالقة وغزو بني إسرائيل، وقد ذكر القرآن الكريم أن قوم مدين كانوا بالقرب من قوم ثمود، وأن الله بعث لهم النبي شعيب عليه السلام، وأن سيّدنا موسى لجأ إليهم وصاهرهم، وذكروا باسم قوم مدين، وأصحاب الأيكة في مواضع عديدة.

 

منها قوله تعالى ” وإلي مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب محيط” وقوله تعالى ” واصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد” ونهاية أصحاب الأيكة هو أن دعا نبي الله شعيب أصحاب الأيكة إلى الإيمان بالله، وترك الغش والنصب الذي يمارسونه، ولكنهم لم ينصتوا إليه ولن يتبعوه، فحذرهم من عذاب أليم، وهلاك من الله، كما لاقى قوم ثمود، ولوط، وصالح من قبلهم، وقد لقب شعيب بخطيب الأنبياء، فقد وهبه الله أسلوبا بليغا في الحوار والمخاطبة، كما عرف بلين قوله، ومع ذلك لم يستجيبوا بل وصفوه بالضعيف، حيث كان عليه السلام ضريرا.

 

فأخذهم الله بالصيحة، وما جاء في كتب قصص الأنبياء الذي يشرح آيات القرآن الكريم, التي تقص ما حدث مع الأنبياء أن الله تعالي ابتلى قوم شعيب بالحر الشديد فلم يكن يروي عطشهم ماء ولا ظلا ولا طعاما، فخرجوا من ديارهم ورأوا سحابة ظنوها ستقيهم من الحر، ولما اجتمعو تحتها، بدأت تثير عليهم الشرار، ثم جاءت الصيحة، نتيجة إشراكهم بالله وعبادتهم الأيكة، وتطفيفهم المكيال، ونجّى الله شعيبا ومن آمن معه، ومن أهم العبر المستفادة من قصة أصحاب الأيكة هي أن المال الخبيث وإن كثر وأعجب صاحبه، فلن يكون له خير، بل وبالا وعذابا في الدنيا والآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى