مقال

الدكروري يكتب عن قطيعة الرحم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن قطيعة الرحم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن قطيعة الرحم سبب لحرمان الجنة فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم” وإن مظاهر صلة الرحم كثيرة منها بذل الخير لهم وكفّ الشرّ عنهم وعيادة مريضهم ومواساة فقيرهم وإتحاف غنيّهم بالهدية ونحوها ونفع وإرشاد ضالهم وتعليم جاهلهم وزيارتهم والفرح لفرحهم والتهنئة بسرورهم والحزن لمصيبتهم وتفقد أحوالهم وحفظهم في غيبتهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم والصبر على أذاهم وحسن صحبتهم والنصح لهم، وكما إن لقطيعة الرحم والتقصير في حقهم مظاهر عديدة فمن الناس من لا يعرف بعض قرابته لا بزيارة.

 

ولا بخلق ولا بجاه ولا بمال وقد تمضي الشهور والأعوام ولا يتودّد إليهم بصلة، ومن الناس من لا يشارك بعض أقاربه حتى في أفراحهم وأتراحهم ولا يحسن إلى محتاجهم بل تراه يقدّم غيرهم عليهم في الصلات التي هم أحق بها من غيرهم، ومن الناس من يقدم زوجته على والدته، ومنهم من يقدم صديقه على والده، ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه ويقطعهم إن قطعوه وهذا في الحقيقة ليس بواصل إذ الواصل حقيقة هو الذي يصل قرابته لله سواء وصلوه أم قطعوه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم “ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمُه وصلها” رواه البخاري، وإن لقطيعة الرحم أسبابا متعددة.

 

ومنها الجهل بعواقب القطيعة في الدنيا والآخرة والجهل بعظم حق الأرحام وما يجب لهم من الصلة، وضعف تقوى الله فالذي لا يخاف الله واليوم الآخر فإنه ربما وقع في القطيعة وهو لا يبالي، وأيضا الكبر فبعض الناس إذا نال منصبا رفيعا أو حاز رتبة عالية أو صار ذا مال كثير تكبّر على أقاربه وأنف من زيارتهم بحيث يرى أنه صاحب الحق وأنه أولى بأن يُزار ويؤتى، ولا شك أن هذا من الكبر والتعالي على الناس وقد قال صلى الله عليه وسلم “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر” رواه مسلم، وأيضا عدم الصبر من البعض فحينما يجد التنفير من الطرف الآخر وكلا الطرفين مخطئ.

 

وأيضا قلة الاهتمام من البعض بمن يزوره فمن الناس من إذا زاره قريبه لم يُبدي له مزيد اهتمام ولم يصغ إلى حديثه ولم يستقبله على الوجه الحسن فربما أن ذلك يحمل الزائر إلى قلة الزيارة مستقبلا وربما إلى انعدامها، وكما أن من أسباب القطيعة هو الشح والبخل ويُذكر من كان كذلك بأن أوجه الصلة كثيرة وليست بالمال فقط، ويذكر بأن بذل المال للرحم سبيل للبركة فيه، وأيضا التقارب في المساكن بين الأقارب فربما أورث ذلك نفرة وقطيعة من الأقارب بسبب كثرة الاحتكاك والقيل والقال وقد روي عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أنه قال “مروا ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا”

 

وكما أن القطيعة من الأقارب بسبب كثرة المزاح مع عدم مراعاة مشاعر الآخرين فإن لذلك آثارا سيئة فلربما خرجت كلمة جارحة من شخص فأورثت للآخر بغضا ربما يفضي إلى المنازعة، وأيضا من أسباب القطيعة هو الوشاية والنميمة والإصغاء إلى أهلها فإن ذلك يوغر الصدور ويورث التشاحن والتقاطع، وهذه الوشاية سماها النبي صلى الله عليه وسلم الحالقة التي تحلق الدين، ومع وجود زوجات مباركات يفهمن على صلة الأرحام فإنه يوجد أيضا سيئات الخلق مع أرحام زوجها فبعض الناس يُبتلى بزوجة سيئة الخلق لا تحتمل أحدا من أرحام زوجها فلا تزال تنفره وتثنيه وتتأفف حتى تقطعه عن أهله وذويه وقد توصله إلى العقوق ومعصية الوالدين والعياذ بالله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى