مقال

الدكروري يكتب عن ولا تخسروا الميزان

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ولا تخسروا الميزان

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

إن من أكبر المظاهر وأصدقها مغالبة الصعوبات والأعذار، فالمسلم الجاد لا يستسلم أمام المشقات، ولا يضعف أمام العقبات، بل يغالبها، ويبحث دائما عن مخارج، ويضاعف الجهد، ويحرص على المشاركة حتى آخر لحظة بأقصى ما يملك، ونراها في الأخذ بالعزائم، والحرص على أداء الواجب والمشاركة فيه مهما كانت الظروف، ولقد فرض الإسلام علينا فرائض ووضع لنا حدودا وشروطا لكل التعاملات وأمرنا الله عز وجل بأن لا نتعدي حدوده عز وجل، وفي التعامل في البيع والشراء حدود وشروط حتي يصح هذا البيع ويكون جائزا ومشروعا ومن ذلك أنه يجب علي البائع إظهار ما في المبيع من عيوب.

 

وهذا واجب ومن حق المسلم علي أخيه المسلم،إذ روي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا بيّنه له رواه ابن ماجه، وعن أبي سباع رضي الله عنه قال ” اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع، فلما خرجت بها أدركني يجر إزاره فقال اشتريت؟ قلت نعم، قال أبيّن لك ما فيها، قلت وما فيها؟ قال إنها لسمينة ظاهرة الصحة، قال أردت بها سفرا أو أردت بها لحما؟ قلت أردت بها الحج، قال فارتجعها، فقال صاحبها ما أردت إلى هذا أصلحك الله، تفسد علي، قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

 

“لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه” كذلك حذر المولي سبحانه وتعالى من الغش في الكيل والميزان، فجاءت آيات القرآن تذكر الناس بمراعاة القسط في المكاييل والموازين كما في قوله تعالى ” والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان” وهدد الذين يتلاعبون بالمكاييل والموازين بعذاب أليم يوم القيامة فقال تعالي ” ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون، ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين” وهنا تنبيه إلى ما ينبغي أن يكون عليه التاجر من السعة في الوزن.

 

وأن وزنه محاسب عليه أمام الله تعالى، كما أخبر المولي سبحانه وتعالى في سورة المطففين، وأيضا التزام الصدق والأمانة عند التعامل بيعا وشراءا ونحوهما ويدل على هذا ما روي عن رفاعة بن رافع الأنصاري رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع والناس يتبايعون، فنادى يا معشر التجار، فاستجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم، فقال “إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق” رواه الترمذي، وهذا يدل على طلب الإسلام الصدق من المتعاملين والبر في معاملاتهم مع غيرهم، وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق عامة.

 

فقد روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا” رواه البخاري، وكما قال صلى الله عليه وسلم ” التاجر الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء” رواه الترمذي، وهو التاجر الذي يلتزم الأمانة والصدق في بيعه وشرائه وفي سائر معاملاته، وعن حكيم ابن حزام رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى