مقال

الدكروري يكتب عن الشجاعة والإقدام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشجاعة والإقدام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الهدف الأكبر للشيطان الرجيم هو أن يصل بابن آدم إلى الكفر والشرك، والضلال الذي يوصله إلى النار، لكنه في أحوال ربما يتدرج، فلا يأتي إلى الإنسان من باب يعلم أنه يمتنع من دخوله، فيرضى بما دون ذلك، فقد لا يصل إلى بعض الناس أن يجعلهم مشركين كفارا، لكن يرضى منهم بالبدعة، قد لا يستطيع أن يصل إلى بعض الناس إلى البدعة، لكنه يرضى منهم بالكبائر من الذنوب، قد لا يستطيع أن يصل ببعض الناس إلى الكبائر، لكنه يرضى منهم أن يقعوا في المعاصي، قد لا يصل إلى بعض الناس أن يوقعهم بالمعاصي، فيقيم ويصر عليها، لكنه يرضى منهم أن ينصرفوا عن المستحبات والأعمال الفاضلات.

 

ولقد ضرب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في البطولة والشجاعة والإقدام في المعارك والحروب وكافة مناحي الحياة، وفى اليقين التام بالله ، ومن هؤلاء صحابي كريم كان مثالا في الشجاعة وقاد الكثير من المعارك ولقب هذا الصحبي بالمرقال لأنه كان يرقل في الحرب أي يسرع من الإرقال وهو ضرب من العدو، وكان صالحا زاهدا وهو أخو مصعب بن عمير لأمه، ويعد من التابعين الكبار وكثير من العلماء عدوه في الصحابة باعتبار إدراكه لزمن النبوة، وذكر الإمام الطبري والإمام ابن كثير قصة عجيبة لهذا الصحابي الشجاع في احدى المعارك مع الفرس، حيث تجمعت كتائب كثيرة لكسرى ملك الفرس تسمى “بوران”

 

وأخذوا على أنفسهم عهدا ألا يزول ملك فارس ما عاشوا، وقد أعدوا معهم أسدا ضخما وشرسا يقال له “المقرط” لكي يرهبوا به المسلمين في المعركة، وكان الفرس قد دربوا هذا الأسد على القتال ونهش أعدائهم، وأطلقوه على المسلمين في منطقة “ساباط” فدب الرعب فى الصفوف، وحينها تقدم هذا الصحابي المقدام بقلب ثابت وواثق من نصر الله، وتصارع مع الأسد حتى قتلة بعدة طعنات وأرداه قتيلا، وسط ذهول جنود الفرس، حينها كبر المسلمون تكبيرة زلزلت جيش الفرس إلا أنهم ثبتوا في القتال فتقدم هذا الصحابي الجليل على رأس جيش المسلمين وظلوا يقالتون حتى فنيت كتيبة بوران عن آخرها.

 

وكانوا يعتقدون أنه لن يستطيع أحد هزيمتهم، فتقدم هذا الصحابي وهو يتلو قول الله تعالى ” أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال” وبعد انتصار جيش المسلمين على كتيبة بوران وقتل الأسد أرسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى هذا الصحابي الشجاع وقبّل رأسه تكريما له، فانحني هو الآخر وقبّل قدم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما وهو يقول له ما لمثلك أن يقبل رأسي، إنه الصحابي الشجاع هاشم بن عتبة، المعروف بالمرقال, ابن أخو سعد بن أبي وقاص، وكان قد أسلم يوم الفتح وشارك في كثير من المعارك حتى ذهبت عينه يوم اليرموك، وكان من أمراء أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم صفين واستشهد يومئذ.

 

فبكاه الإمام علي بن أبي طالب وبكى عمار بن ياسر أيضا الذي استشهد معه، ودفنهما إلى جنب بعض، في الموضع الذي استشهدا فيه، وقبرهما اليوم في محافظة الرقة في سوريا، وهكذا لا يزال الشيطان يتدرج ويتلمس المداخل، فتجده يدخل على المؤمن المحافظ على صلاته في المسجد مع المسلمين وفي أوقاتها، فيصرفه ابتداء عن السنن الرواتب لأن السّنن سِياج وحماية للفريضة كما جاء في الحديث أن المؤمن إذا نقصت فرائضه يوم القيامة، قيل انظروا هل له من نوافل؟ فتكمل بها، فهو يخترق سياج النوافل والسنن الرواتب، فإذا هدمها صارت الفريضة بلا سياج، فأمكن بعد ذلك أن يُخلّ بهذه الفريضة يتأخر عن تكبيرة الإحرام، يتأخر عن الوقت الفاضل، يتأخر عن كمال هذه الفريضة، وعن شيءٍ من واجباتها، فلا يزال به حتى يخترق هذه الفريضة، ويُخل بأساساتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى