مقال

الدكروري يكتب عن الحق والإيمان والتوحيد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الحق والإيمان والتوحيد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن للحق والإيمان والتوحيد حقيقة متى تجسمت في المشاعر أخذت طريقها، فاستعلنت ليراها الناس في صورتها الواقعية, فأما إذا ظل الإيمان مظهرا لم يتجسم في القلب، وظل الحق شعارا لا ينبع من القلب، فإن الطغيان والباطل قد يغلبان، لأنهما يملكان قوة مادية حقيقة لا مقابل لها ولا كفاء في مظهر الحق والإيمان، فإذا استقرت حقيقة الحق والإيمان فى القلب أصبحتا أقوى من حقيقة القوى المادية التي يستعلي بها الباطل، ويصول بها الطغيان, وبهذا وقف الأنبياء لكل قوة غاشمة تواجههم في الأرض، فنصر الله أولياءه، وخذل أعداءه, وتحقق وعد الله لأنبيائه ورسله وأتباعهم بالنصر على أعدائهم.

 

فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة الصافات ” ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون، وإن جندنا الغالبون” وإن للباطل صور وألوان وشُعب فمنها باطل الكبر، فالكبر عادة يحول دون قبول الحق، وأخطر ما يواجه الداعى إلى الله من صنوف الناس المتكبرون، فهم شر من يدعى إلى الحق فيأباه, ودعوتهم ومعالجة كبريائهم تكون بالقول اللين، ومن ذلك دعوة نبى الله موسى لفرعون، ودعوة نوح لقومه، ودعوة شعيب لقومه، عليهم جميعا الصلاة والسلام، ومنها باطل التقليد، وهو تقليد الأبناء للآباء، والخلف للسلف فيما يعتقدون ويعملون، فهذا التقليد من أكبر الحوائل.

 

التي تقف دون قبول المقلدين للحق ومعرفته، بل كثيرا ما يدفع المقلد إلى مناهضة الحق وأهله، ومنها باطل الحسد، فالحسد من الصوارف عن الحق، وهو أخطر من الكبر والتقليد، لأن الحاسد يحمله الحسد على الكيد للداعي والمكر به, وقد حسد اليهود النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لأنه من أولاد إسماعيل، وناصبوه العداوة، وحاولوا قتله، وسموه وسحروه، وحاربوه وألبوا عليه القبائل، فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره إن الله على كل شئ قدير” ومنها أهل المنافع والمصالح.

 

فكل واحد من هؤلاء المستفيدين لا يرضى بتغيير وضعه حفاظا على الذي يحصل له منه من الكسب المحرم, لذا ينبغي في دعوتهم الانتباه إلى وعدهم بالخير، وبشارتهم بحال أحسن، وأن يقدم لهم من النفع والخير ما يعوضهم عما فاتهم، وإن منطق الباطل هو الطغيان الغليظ كلما أعوزته الحجة، وخذله البرهان، وخاف أن يستعلي الحق بما فيه من قوة وفصاحة، وهو يخاطب الفطرة فتصغي له وتستجيب، كما آمن السحرة الذين جاء بهم فرعون ليغلبوا نبى الله موسى صلى الله عليه وسلم ومن معه، فانقلبوا أول المؤمنين بالحق في مواجهة فرعون الجبار، فما موقف فرعون وملئه من الحق.

 

الذي جاء به نبى الله موسى عليه السلام فقال الله تعالى كما جاء فى سورة غافر ” فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا فى ضلال، وقال فرعون ذرونى أقتل موسى وليدع ربه إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد ” وهكذا قال فرعون الطاغية الوثنى الضال عن النبى المصطفى المؤمن الهادى، وهي الكلمة التي يقولها كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح, إنها كلمة الباطل الطالح في وجه الحق الجميل، وكلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه أهل الإيمان والهدى، وهي تتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر، والصلاح والطغيان، في كل زمان، وفي كل مكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى