مقال

الدكروري يكتب عن بالحق قامت السموات والأرض

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن بالحق قامت السموات والأرض

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يصور لنا الله سبحانه وتعالى مشهد من مشاهد الظلم والكفر والطغيان من العبد الظالم إلي صاحب الحق، فيقول كما جاء فى سورة غافر ” إنى أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر فى الأرض الفساد” فما أظلم هؤلاء الطغاة؟ وما أجهلهم بالحق؟ وما أضرهم على أنفسهم وعلى من تحت أيديهم؟ فلماذا قَتل الدعاة المصلحين بغير حق؟ ولماذا ترويعهم ومطاردتهم؟ ويقول الله تعالى كما جاء فى سورة غافر ” أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب” ومما سبق يتبين أن أكثر الناس للحق كارهون.

 

لأنه يسلبهم القيم الباطلة التي بها يعيشون، ويصدم أهواءهم المتأصلة التي بها يعتزون، والحق لا يمكن أن يدور مع الهوى، وبالحق قامت السموات والأرض، فالحق واحد ثابت، والأهواء كثيرة متقلبة, وبالحق الواحد يدبر الله الكون كله فلا ينحرف ناموسه لهوى عارض، ولا تتخلف سنته لرغبة طارئة, ولو خضع الكون للأهواء العارضة والرغبات الطارئة لفسد كله، ولفسد الناس معه، ولفسدت القيم والأوضاع، واختلت الموازين وتأرجحت كلها بين الغضب والرضا، والكره والحب، والرغبة والرهبة، وسائر ما يعرض من الأهواء بالانفعالات, فقال تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون.

 

” ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون” ولقد عاش الناس قبل شروق شمس الرسالة المحمدية فترة من الزمن فى دياجي حالكة، وسلكوا مسالك للحق غير سالكة، فعبدوا الشجر والحجر، والصنم والبشر، والنجوم والنار والهوى، فمقتهم الله جميعا عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب الباقين على الحق، ومع هذا الانحدار الروحي كانوا يعيشون حياة سياسية ذليلة مضطربة، وحياة اقتصادية منهارة، وحياة اجتماعية متفككة، حتى أذن الله ببزوغ الحق من غار حراء فبعث الله رسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة، مِنة عظيمة.

 

وعطية كريمة من المنان الكريم، فأرسل الله تعالى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام لينقذ البشرية من دياجير الخرافة إلى نور الحقيقة، ومن ضيق الذل إلى سعة العز، ومن أوحال الخطيئة إلى سماء الفضيلة، ومن ذيول التبعية، إلى هام القيادة، ومن ظلام الجهل إلى صفاء المعرفة والعلم، عند ذلك أصبح الإنسان يعرف معبوده الحق سبحانه وتعالى، ويعرف نفسه، ويدري كيف يعيش، ولماذا يعيش؟ وإلى أين يصير، بعد أن كان حاله كما قال ذلك التائه في متاهات ضلاله، جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت، ولقد أبصرت قدامى طريقا فمشيت، وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت، كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقى؟ لستُ أدرى؟

 

إن هذا الدين نعمة الله العظمى على عباده الذي ارتضاه لهم وأكمله وأتمه، فهو دين كامل لحياة كاملة، يلبي جميع حاجات البشرية الروحية والمادية، ويصلح حياة الناس الدينية والدنيوية، وينظم شؤون الدولة والمجتمع، فنُظم الحياة التعبدية والسياسية والاقتصادية والقضائية والعسكرية والاجتماعية وغيرها تضمنها وضبطها ونظمها بنظام دقيق، فليس هناك دين يشجع على المعرفة النافعة و يوائم بين العقل والعلم إلا الإسلام، والاكتشافات الطبية والعلمية برهان على هذا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى