مقال

الدكروري يكتب عن دين الديمومة والبقاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دين الديمومة والبقاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الدين الإسلامي الحنيف هو دين يتسم بالديمومة والبقاء والاستمرار والنماء، لا يغيره تغير الزمان والمكان والأجيال والأحداث لأنه التشريع الذى كتب الله له الأبدية إلى قيام الساعة، وأبّده العليم القدير، الحكيم الخبير، وهو دين سهل ميسر لا حرج فيه ولا مشقة ولا آصار فيه ولا أغلال، ولا تضييق ولا إكراه، وهو وسط بين الإفراط والتفريط، يعطي الروح حظها كما يعطي البدن حقه، وإذا اهتم بالجماعة فإنه لم ينس الفرد، فأعطى كل ذي حق حقه، فصارت الأمة به أمةَ الوسط بين الأمم، كما صار هو الوسط بين الأديان، وهو دين السلام والأمن العام، ونشر السكينة والاستقرار، وإزالة الخوف والاضطراب، والفساد والظلم.

 

فلذلك جاء ليحافظ على الضروريات الخمس التي فيها أعلى مصالح البشرية، وبانتهاكها ذهاب الحياة كلها، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه” وبعد حفاظه على الضروريات وسّع عليهم في الحاجيات التي هي مشهد من مشاهد اليسر والسعة كالرخص في السفر وغير ذلك، وحقق لهم بعد هذا تمام النعمة بإباحة الأمور التحسينية المشروعة والتي بها صلاح الحياة السعيدة، والاستمتاع بفضل الله على عباده، وإن المتتبع يجد أن ما حرم الله على عباده، مما لهم فيه مصلحة عاجلة أو آجلة، يجده قليلا بجانب ما أباح لهم تصريحا.

 

أو بالبقاء على البراءة الأصلية، إذ الأصل في الأشياء الإباحة، فإن ديننا الحنيف دين واقعى متسق المبادئ والتشريعات لا يعروه تناقض ولا اختلاف ولا تعارض وعدم ائتلاف لأنه من عند الله عز وجل، ولذلك لا يزال إبليس ينوّع في أساليبه على كل أحد، ولا يزال يتدرج به، ويُسلط عليه أعوانه من شياطين الإنس وشياطين الجن ذلك أن إبليس قد اتخذ من بعض بني آدم جندا يسلطهم على الخلائق، وخاصة أولئك الذين يدعون الناس إلى الضلال والإغواء، الذين يدعون الناس إلى الضلال والغواية، وبخاصة في مثل زماننا اليوم عبر وسائل الإعلام، حينما تزين المعاصي والمنكرات، وتزخرف الضلالات.

 

وإلا فهل يُعقل أن يُسمى الفجور والفحش فنا؟ هل يعقل أن يمرر على مفاهيم المسلمين بأن من يتعاطى الفواحش علنا، فاحشة واضحة بيّنة، فيها كشف العورات، واقتراف مقدمات الزنا علانية في الشاشات، ومع ذلك يقدم هؤلاء على أنهم أصحاب فن؟ ويُمرر هذا على مسامع الناس، حتى إن المسلم المصلي العابد الذي يأنف ذلك في أهله ولا يرضاه، لو قيل له إنك تقرأ أو تحضر مقابلة مع من هذا وصفه الذين يتعاطون الفاحشة ومقدماتها، ويقدمون على أنهم أصحاب فن، لكان حافلا بأن يشاهد هذا الذي يسمى فنانا، ولكنه يتعاطى الفواحش ومقدماتها علنا، والمقصود بالفاحشة، وهنا الأمر الفاحش على سبيل المثال.

 

أن يخرج رجل مع امرأة بثياب شبه عارية، لا تستر إلا السوءة، وهي ليست بزوجة له، ولو كانت زوجة له وتعاطى هذا على ملأ، فهذه فاحشة بينة، وماذا تكون الفاحشة إن لم يكن هذا وصفها؟ فكيف وهو يتعاطاها حينا بعد حين، وزمنا بعد زمن؟ ويرضى كثير من المسلمين أو يتغافلون ويخادعون، ويقبلون أن هذا فن، إنها خطوات الشيطان التي تغيّر بها المفاهيم، وتبدل بها القناعات، وهذا من غربة الدين، وعدم فهم خطوات الشيطان والحذر منها ولذا حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من مثل هذه الحال، حينما أخبر بأنه يأتي في آخر الزمان التلاعب بالألفاظ، وتبديل الحقائق، فتسمّى الأشياء بغير اسمها كما قال في شأن الخمر، وهكذا في أمور أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى