مقال

الدكروري يكتب عن منهج البحث عن الحق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن منهج البحث عن الحق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن منهج البحث عن الحق سهل، ومعرفة الافتراء من الصدق لازم, فإنها دعوة إلى القيام لله بعيدا عن الهوى، بعيدا عن المصلحة، معتمدا على مراقبة الله وتقواه، متجردا من الرواسب والمؤثرات, ثم التفكر ثانيا فيمن جاء بهذا الحق؟ ما مصلحته؟ وما بواعثه؟ وماذا يعود عليه منه؟ إنه لا يريد عوضا من أحد، بل يرجو ثوابه ممن كلفه، ولا يتطلع أبدا إلى أجر من أحد, فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة سبأ ” قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجرى إلا على الله وهو على كل شئ شهيد ” ثم التفكر فى هذا الحق، فهو الحق الذى يقذف به الله، فمن ذا يقف للحق الذي يقذف به الله؟ لا أحد، فالطريق أمامه مكشوف, فيقول تعالى كما جاء فى سورة سبأ.

 

” قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد ” فإذا جاء الحق بقوته فقد انتهى أمر الباطل، وما عادت له حياة, فيقول تعالى كما جاء فى سورة سبأ ” قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد” وإنه لكذلك، فمنذ جاء القرآن استقر منهج الحق واتضح، ولم يعد للباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم، ومهما يقع من غلبة مادية للباطل في بعض الأحوال والظروف، إلا أنها ليست غلبة على الحق، إنما هي غلبة على المنتمين إلى الحق، غلبة الناس لا غلبة المبادئ، وهذه موقوتة ثم تزول، وأخيرا, يقول الله تعالى كما جاء فى سورة سبأ ” قل إن ضللت فإنما أضل على نفسى وإن اهتديت فبما يوحى إلى ربى إنه سميع قريب”

 

وقد وعد الله عباده أن يطلعهم على شيء من خفايا هذا الكون، ومن خفايا أنفسهم على السواء، حتى يتبين لهم أنه الحق، هذا الدين حق، وهذا الكتاب حق، وهذا المنهج حق, ولقد صدقهم الله وعده، فكشف لهم عن آياته فى الآفاق وفى الأنفس، ووعد الله ما يزال قائما فقال سبحانه وتعالى، كما جاء فى سورة فصلت ” سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ” وإنها لرحمة من الله تعالى، فكلما ابتعد الناس عن زمن النبوة، وعن منهج النبوة، فتح الله لهم من أبواب العلم ما يردهم إلى الله، ويذكرهم به، ويسهل عليهم أمور معاشهم.

 

فالبشرية بعد الضلال والشرود من جراء العلم أخذت عن طريق العلم تثوب إلى الدين، وتعرف أنه الحق عن هذا الطريق, ولم تكن فتوح العلم والمعرفة في أغوار النفس بأقل منها في جسم الكون، فقد أطلع الله البشر على أسرار وخصائص في الجسم البشرى، وعرفوا تركيبه وتكوينه ووظائفه وغذاءه، وأمراضه وعلاجه، وعرفوا من أسرار حركته ما يكشف عن خوارق لا يصنعها إلا الله البارى، وإن الله وحده الذى خلق هذا الكون، له الحق وحده أن يشرع لعباده ما يشاء، وليس لأحد من خلق الله أن يعتدى على خلقه، فيشرع لهم غير ما شرعه الله وأذن به كائنا من كان, فالله مبدع هذا الكون، ومدبره بالأوامر الكلية التي اختارها تعالى له.

 

والحياة البشرية إن هي إلا ترس صغير في عجلة هذا الكون الكبير، فينبغي أن يحكمها تشريع يتماشى مع أوامر الكون الأخرى، ولا يتحقق هذا إلا حين يشرع لها محيط بالكون وما يجرى فيه، وكل ما سوى الله قاصر وعاجز عن تلك الإحاطة بلا جدال، فلا يؤتمن على التشريع لحياة البشر مع ذلك القصور، وكيف يرضى الناس بمخلوق مثلهم أن يشرع لهم, فقال الله تعالى كما جاء فى سورة المؤمنون ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضى بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى