مقال

الدكروري يكتب عن إحدى علامات الساعة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إحدى علامات الساعة

بقلم / محمــــد الدكـــروري

 

على قدر المعرفة يكون تعظيم الله تعالى في القلب، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيما وإجلالا, وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته, ولا عرفه حق معرفته، ولا وصفه حق صفته؛ فقال تعالي ” ما لكم لا ترجون لله وقارا” وقال المفسرون”ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته” وإن هناك آفه لا تقل خطورة عن سالفاتها، بل تعتبر كبيرة من كبائر الذنوب، وعظيمة من عظائم الأعمال، انتشرت بين المسلمين انتشار النار في الجحيم، واتخذت مطية للسطو على مستحقات الغير، والانقضاض على أموالهم وممتلكاتهم ظلما وعدوانا، إنها شهادة الزور التي اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم أحدى علامات الساعة، حيث قال “إن بين يدي الساعة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق”

 

وذلك لما فيها من التلبيس على الناس بأقاويل كاذبة، وشهادات باطلة، تقلب الحقائق، وتغمط الحقوق، وتجعل الحق باطلا، والباطل حقا وهى التي نسمع في كل لحظة أخبارها تتطاير هنا وهناك، والزور في اللغة هو الميل عن الحق، يقول الأصفهانى “وقيل للكذب زور، لكونه مائلا عن جهته، وزوّر الشهادة بمعنى أبطلها، وزوّر الكلام بمعنى زخرفه، والتزوير هو تزيين الكذب، وهو في الاصطلاح تغيير الحقيقة، إما قولا، أو فعلا، أو كتابة، بهدف خداع الغير، ولقد اكتسح التزوير ميادين كثيرة، وتعددت صوره، مثل الشهادة الكاذبة، التي صارت سلعة يروج لها أشخاص يقفون عند أبواب المحاكم، ويعرضون خدمتهم لمن يطلبها، ولو لم تربطهم به معرفة سابقة.

 

ولكل شهادة ثمن، بحسب حجم الملف وموضوع الشهادة، ويا عجبا كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم أن يكذبوا في الشهادة من جهة، ويحلفوا باليمين على صدق شهادتهم وهم كاذبون، فقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” سنكتب شهادتهم ويسألون” ولقد جاء أعرابى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله، ما الكبائر؟” قال “الإشراك بالله” قال “ثم ماذا؟” قال “ثم عقوق الوالدين” قال “ثم ماذا؟” قال “اليمين الغموس” قال “وما اليمين الغموس؟” قال “الذى يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب” رواه البخارى، ومثل الغش في البضائع، وتزوير تواريخها لتمديد صلاحيتها، ولقد أصيبت معلمات متدربات هذه الأيام بتسمم جماعي إثر طعام غير صالح.

 

وبيعت أدوات تجميل فاسدة، يسبب فسادها نوعا من السرطان، والحوادث في هذا الشأن أكبر من أن تحصى، ومثل تزوير أختام الدولة، والدمغات، والطوابع، والعلامات، والتوقيعات، لتشغيل من لا يستحق الشغل، والتصديق على البيوعات المزيفة، وصلاحية البنايات غير الخاضعة لقوانين السلامة، فلا ضير أن نسمع بين الفينة والأخرى سقوط بناية هنا، وعمارة هناك، وكل ذلك نتيجة الغش والتزوير، ومثل تزوير الشهادات الطبية، لقضاء مصالح شخصية، على حساب مصالح الناس، ومثل التزوير في بيان حال الخطيب، وأنه على دين وخلق، ووظيفة محترمة، وهو ربما لا يصلي ولا عمل له، وتزيين حال المخطوبة، وأنها على مستوى عال من الصلاح.

 

ومهارة تدبير البيت، وواقعها على عكس ذلك، وهو ما يفسر نسبة الطلاق التي تزيد كل يوم عن ما قبله، ومثل تزوير درجات الطلاب من أجل تمكينهم من النجاح في امتحانات قد تكون مصيرية بالنسبة للمواطنين، كامتحانات الطب، الذى يحتاج حنكة كبيرة، وخبرة واسعة، لما له من علاقة بأرواح المرضى، ومصائر حياة العباد، ومثل تزوير المظاهر الخارجية، بألبسة مستعارة، ومساحيق تخفي الحقيقة، سمعة ورياء، ولقد قالت امرأة للنبى الكريم صلى الله عليه وسلم “إن لى ضرة، فهل عليّ جناح أن أتشبع من مال زوجى بما لم يعطني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور” متفق عليه، وعن سعيد بن المسيب قال، قدم معاوية بن أبى سفيان المدينة، فخطبنا، وأخرج كبة من شعر، فقال”ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه، فسماه الزور”متفق عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى