مقال

الدكروري يكتب عن القاعدة الكبرى في تحقيق سعادة المجتمع

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن القاعدة الكبرى في تحقيق سعادة المجتمع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لاشك أن الإنسان حينما يفكر في موضوع معين ويعتني به ويتفاعل معه، قد يكون لديه خلل أو فهم خاطئ نتيجة مبالغته في النظرة إلى هذا الموضوع، فالناس بحاجة إلى التعليم، وبحاجة إلى التربية وقديما قيل من كان أستاذه كتابه فخطأه أكثر من صوابه، فمن أراد أن يتعلم العلم من خلال الكتب وحدها لا يمكن أن يبلغ الغاية، ومن أراد أن يربي نفسه في هذا العصر وهذا المجتمع وسط هذا الزخم الهائل من المغريات والشهوات والفتن، فلابد له من رفقة صالحة يعينونه على طاعة الله تعالي، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما “أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل”

 

فإذا كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم يستفيد من لقائه بجبريل وهو رسول الله أفضل الخلق فغيره من باب أولى، وإن القاعدة الكبرى في تحقيق سعادة المجتمع وضمان استقراره، والركيزة العظمى في إشادة حضارة الأمة وبناء أمجادها، تكمن بعد عقيدتها وإيمانها بربها سبحانه وتعالى، في نسيجها الاجتماعي المترابط، ومنظومتها القيميه المتألقة، التي تنظم عواطف الود المشترك والحب المتبادل والتضامن المُشاع والصلة المستديمة، في بعد عن الضغائن والبغضاء، وغوائل التقاطع والجفاء، وإثارة الأحقاد والشحناء، وإن من المظاهر أو الظواهر التي تهدد كيان الأسرة والتي تعصف بكثير من الأسرة المسلمة وتدمرها تدميرا.

 

هى ظاهرة ما يعرف بالتفكك الأسرى، وهذه الظاهرة هى التي تتفشى يوما بعد يوم، وتزداد عاما بعد عام، وتؤدي إلى دمار كثير من الأسر، وفي أقل الأحوال تؤدي إلى إضعاف الدور الذي من المفترض أن الأسرة وجدت لأجله، وهو التربية، وتنشئة الأجيال، وبناء الأمة، وأعنى بالتفكك هو ضعف العلاقة بين أفراد الأسرة، وحصول الاضطرابات والتوترات، والمشاكل فيما بينهم البين، وضعف الرابطة والعلاقة التي تجمعهم وتربطهم، وهذه الظاهرة وهى ظاهرة التفكك لها كثير من الصور، ولها كثير من المظاهر في الواقع، ومن هذه المظاهر وأشدها، هى ظاهرة الطلاق، وهذه الظاهرة التي صارت تئن منها كثير من المجتمعات.

 

فالطلاق هو الفراق بين الزوجين، وإنهاء عقد الزوجية الذي يربط بينهما، وإن هذا الطلاق هو دمار نهائي للأسرة يشتتها ويفرقها، فالأب يذهب في ناحية، والأم تذهب في ناحية، والأولاد يضيعون بينهما، وبعض الأولاد ربما يكون مع الأب، وبعضهم مع الأم، وربما ذهبوا جميعا من الأم، وهذا له آثاره الخطيرة، وآثاره السلبية على هؤلاء الأولاد، وعلى بناء المجتمع ككل، فإن الحديث عن التربية الذاتية وأهميتها لا يعني إطلاقا استقلال الشاب، فمع تأكيدنا على التربية الذاتية وأهميتها فنحن نؤكد أيضا على الجماعية، وأن من وسائل التربية الذاتية الجماعية، أن الإنسان الذي يعيش في وسط فردي بحت يعيش في نشاز إنسان شاذ في سلوكه ونشاطه وأخلاقه.

 

ومن جلوسك معه تعلم بأنه إنسان لا يعيش ولا يخالط الآخرين، وكما أن من المفاهيم الخاطئة للتربية الذاتية هو التفريط في الأعمال الهامة بحجة تربية النفس، فبعض الناس يقول أريد أن أتفرغ لكي أربي نفسي وأتعلم وأستزيد من العلم، ثم بعد ذلك يمكنني أن أقوم بالدعوة إلى الله عز وجلن وإن الواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم لا يسمح لنا بهذا التباطؤ والتأخر، وأهل الشر يبذلون جهودا جبارة في سبيل نشر باطلهم، وإن الشاب الذي تفرغ حينما يتخرج بعد ذلك سيحتاج إلى طريقة للتعامل مع وقته، وإلى تضحية لم يكن اعتاد عليها فيكون من الصعب عليه أن يعمل هذه الأعمال، لا يعرف كيف يتحدث مع الآخرين، لا يعرف المشكلات لم يعرف ولا كيف يواجهها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى