مقال

الدكروري يتكلم عن التأمل في خلق البعوضة

الدكروري يتكلم عن التأمل في خلق البعوضة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إذا كان الابتلاء للمجتمع والأمة بشكل عام، سواء كان بالاختلاف والتفرق، أو الأزمات الاقتصادية، أو بتسلط العدو، أو بالأمراض والأوبئة، أو بالكوارث، وغيرها سارع الجميع إلى التعاون والتراحم والتآلف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقديم النفع، وسعى الجميع إلى رأب الصدع، وإصلاح الوضع، وقول كلمة الحق، وكذلك بذل كل واحد من الأسباب ما يستطيع، ونأى كل واحد بنفسه عن أن يكون سببا في إثارة النعرات، وإزهاق الأرواح، وسفك الدماء، وترويع الآمين، فيلقى الله وهو عليه غضبان وعلى الجميع التضرع إلى الله والدعاء بأن يرفع البلاء، ويلطف فيه، ويكتب الأجر والثواب، وإن التأمل في خلق البعوضة البالغ التعقيد والإتقان.

 

يدرك مدى عظمة ذكر الله عز وجل للبعوضة في كتابه الكريم ومن دون أي استحياء، ويدرك أيضا أن سبب اختيار البعوضة بالذات للرد على افتراءات أهل الضلال، وهو يشعر قبل كل شيء بعظمة الخالق التي تتجلى في هذا المخلوق، ولكن هل يتوقف إعجاز هذه الآية القرآنية عند هذه الحدود؟ فاستخدام الضمير المؤنث في كلمة “فوقها” بحد ذاته إعجاز، وذلك لأن الحقيقة الراسخة هي أن إناث البعوض هي فقط التي تمتص الدماء، و هي لا تمتصه لكي تتغذى عليه فغذاء البعوض عامة هو خلاصة رحيق الأزهار، ولكنها تمتصه لأن البويضات التي تحملها أنثى البعوض بحاجة الى بروتين لتكبر، وهكذا يعدل القرآن الكريم باللفظ إلى صيغة تتفق مع الواقع قبل أن يكتشفها الزمان وتعاينها الأجيال.

 

وهل تصدق أن في هذه البعوضة جهاز رادار تتجه وهي في ظلمة الليل إلى الإنسان النائم على فراشه، من دون أن تخطئ الهدف، وهل تصدق أن في هذه البعوضة جهازا لتحليل الدم، قد يعجبها دم هذا النائم، ولا يعجبها دم أخيه، فتعكف على الأول، وتترك الثاني، وهل تصدقوا أن للبعوضة جهازا لتمييع الدم، لأن لزوجة الدم لا تعينها على امتصاصه في المنطقة التي تلدغ بها، تفرز مادة تميِّع بها الدم، وهل تصدق أن هذه البعوضة تملك جهازاً للتخدير، لأنها لو وقفت على جلدك، وغمست خرطومها في جلدك، وشعرت بها لقتلتها قبل أن تأخذ من دمك شيئاً، لكنها تخدر؟ وإن كثيرا من الناس في هذه الأيام لا يهتم بصغائر الأمور ويهتم بالأمور العظيمة التي تقع بين عينيه.

 

مع أن في الصغائر آيات وعبر لأولى الألباب ولعل من آيات الله العظيمة التي ينكرها أو يجهلها كثير من الناس تلكم الدابة الصغيرة التي خلقها الله سبحانه وتعالى وهى أصغر دابة يراها الإنسان بالعين المجردة، وهى البعوضة، فقال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة ” إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها، فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين” وكان أسباب نزول هذه الآيه الكريمه وهو، ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أن الله تعالى لما أنزل قوله “إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى