مقال

الدكروري يكتب عن دافع الفضول

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن دافع الفضول

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن تناول شؤون الآخرين بدافع من الفضول هو تدخل غير مبرر في خصوصياتهم، وهو نزعة البعض لممارسة النفوذ وفرض الوصاية على الغير، فأمثال هؤلاء يريدون من الآخرين أن يكونوا مثلهم ويتدرج التدخل في شؤون الآخرين إلى درجات، وتأتي الدرجة الأولى من خلال تتبع الأخبار الخاصة بالآخرين عن طريق المراقبة والتلصص، فأمثال هؤلاء لا تشبع فضولهم الإجابات العامة حول بعض الشؤون الخاصة، بل لا يرضيهم إلا أن يقفوا على كل تفصيل خاص بغيرهم، حتى لو كان الطرف الآخر لا يرغب في الإفصاح عنه، كأن يتعلق الأمر بأوضاع صحية حساسة، أو رحلات خاصة أو قضايا عائلية، كل ذلك بدافع من نزعة فضولية تدفع نحو تتبع أدق الشؤون الخاصة بالآخرين.

 

وهناك أيضا ألامور المتمثلة في بثّ الإشاعة وتشويه السمعة، فما يكاد يقع المتطفل على معلومة خاصة عن الطرف الآخر إلا ويبدأ في ترويجها والتطبيل عليها، حتى تصبح عنده مادة للحديث في المجالس والسؤال من يا ترى يجيز لهؤلاء فعل هذه الممارسة القميئة، ومن سمح لهم بها، ولماذا يعود المرء نفسه على هذا السلوك، ويجب علينا أن نعلم بأن التعاليم الدينية تنهى بشدة عن التدخل في شؤون الآخرين، ولنعلم جميعا أن الفضول من سمات التخلف، وتتفاوت المجتمعات في مستوى بروز هذه الظاهرة، حيث تحترم المجتمعات المتحضرة، خصوصيات الأفراد وتنبذ التدخل في شؤونهم الخاصة، سواء كانوا أغرابا أم كانوا من المقربين كالأبناء والأخوة والأصدقاء.

 

حتى بات من المعتاد ألا يسأل أحدهم الآخر عن شيءٍ من خصوصياته ما لم يكن هناك مقتضى يدعو لذلك، أما في مجتمعاتنا فالأغلب عندها سيطرة الفضول، بل لا يكاد يوجد فيها حدود للحياة الخاصة للأفراد، لدرجة يكاد يبدو فيها الفرد صفحة مفتوحة للآخرين، بما في ذلك أخباره وخصوصياته، فلا احترام للحياة الخاصة، ومن هنا ينبغي للإنسان المسلم أن يحرص على حسن إسلامه بالنأي عن التدخل في شؤون الآخرين، وكما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه” ذلك أن النأي عن التدخل في شؤون الآخرين هو ما يمثل الإسلام الحسن، وهو ما يظهر جمال الإسلام، وخلق المتدين، وبذلك يخلص مفهوم الحديث إلى أن من يتدخل فيما لا يعنيه فإنه سيئ في إسلامه.

 

ولقد قال صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة يخطب الناس في خطبة الوداع ” إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا معشر ممن ءامن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فانه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ” رواه ابو داود، وقد ورد أن السيده عائشة رضي الله عنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك من صفية أنها كذا وكذا، تعني قصيرة، فقال صلي الله عليه وسلم” لقد قلتي كلمه لو مزجت بماء البحر لمزجته”

 

فاتقوا يوما ترجعون فيه إلي الله، واعلموا أن كل ما تفعلونه مكتوب عليكم ويسجل عليكم وإن هناك شهود وكتبه حافظين، فماذا سيقول العبد بعد هؤلاء الشهود ؟ فيجب علي الإنسان يتأمل الآن أنه جالس بين يدي الله رب العالمين، وحوله هؤلاء الشهود كلهم يُشيرون إليه، ويشهدون عليه، حوله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وملائكة الله، وأهل العلم، والمؤمنون، والله يشهد، ما حالك في هذا الموقف ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى