مقال

الدكروري يكتب عن عمدة مكارم الأخلاق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عمدة مكارم الأخلاق

بقلم / محمــد الدكـــروري

 

إن من أسباب لين القلوب واتعاظها هو التفكر والنظر في أحوال المرضى، والفقراء والمبتلين، وكما أن من أسباب قسوتها هو الاغترار بالصحة والقوة، والغنى والثروة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم” فلو ذهب أي انسان إلي أي مستشفى، ورأى أحوال المرضى وما يقاسونه من الآلام، ولو نظر إلى الفقراء والأيتام، وما هم فيه من الحاجة والمجاعة، لعرف قدر نعمة الله عليه ولان قلبه، لكن حينما يصرف النظر عن ذلك، وينظر إلى أهل الترف والغنى، وما بأيديهم من زهرة الحياة الدنيا، فإنه يقسو قلبه ويتعاظم في نفسه، وقد أمر الله عز وجل نبيّه صلى الله عليه وسلم أن يُجالس فقراء المسلمين والمستضعفين من المؤمنين.

 

وأن لا يتجاوزهم إلى أصحاب الثراء والغفلة، وإن الكرم هو عمدة مكارم الأخلاق، فيفتخر به الأبناء والأحفاد، وتتناقله أخبار الركبان، وتدونه الصحف والكتب، ويسجله التاريخ بمداد الفخر على صفحات الأيام، والسخاء والكرم يقلل الأعداء، ويكثر الأحباء، ويغفر الزلات ويستر العيوب، فالسخي محبوب في حياته وبعد موته، والناس يجلونه في حضرته وغيبته، ويقلدونه في قوله وفعله والسخي كلمته مسموعة، وأمره مطاع ورأيه سديد، وإن الكرم هو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر، الكثيرة النفع، وهو التبرّع بالمعروف قبل السؤال، والإطعام في المحل، والرأفة بالسائل مع بذل النائل، والكرم هو البذل والسخاء بالنفس والوقت والمال والجاه في جميع الأحول.

 

وإن للكرم فضل عظيم ومنزلة علية في الشريعة الإسلامية، وقد رفع الإسلام قدر الكرم والكرماء، والسخاء صفة تستر بها العيوب وتزال بها الكروب والأزمات، ولا يشترط أن تجود بكل ما تملك، وإنما بما تقدر من حسن الخلق واللين والميسور والتحية وإطعام الطعام الموجود بلا تكلف، ولقد كان سائر الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، كانوا كرماء أسخياء،لا يريدون بسخائهم إلا وجه الله عز وجل، ولذلك سجل الله ذكرهم في القرآن الكريم، ووعدهم في الدنيا بالنجاح والفلاح، وأمنهم على أنفسهم من فزع يوم القيامة، ولقاهم بعد ذلك كله نضرة وسرور، ولو أن الناس يعلمون ما في السخاء والجود والكرم من مآثر وحسنات، لأسرعوا إليه، ولجادوا بأغلى ما يملكون، فإن السخي يحبه الله عز وجل.

 

وهو قريب من الجنة، وبعيد من النار، إن ذلكم الخلق يؤلف بين أبناء الأمة ويجعل منها جسدا واحد إذا اشتكى من عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، وإن منبع ذلك الخلق هو إرادة وجه الكريم عز وجل، فإنه خلق الكرم الذي تفرع وتشعب في جميع شعب الإيمان وفي شتى مناحي الحياة، والكرم هو صفة من صفات الأنبياء والمرسلين فهم صفوة خلق الله تعالى وقد اتصفوا بمعالي الأمور، فحقا إنه الكرم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال إني مجهود فأرسل إلى بعض نسائه فقالت والذي بعثك بالحق نبيا ما عندي إلا ماء ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك حتى قلن كلهن مثل ذلك فقال “من يضيف هذا الليلة رحمه الله”

 

فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته هل عندك شيء؟ قالت لا إلا قوت صبياني قال فعلليهم بشيء فإذا دخل ضيفنا فأضيئي السراج وأريه أنا نأكل فإذا أهوى ليأكل قومي إلى السراج حتى تطفئيه، قال فقعدوا وأكل الضيف فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال “لقد عجب الله من صنيعكما الليلة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى