مقال

الدكروري يكتب عن إستغلال المشاعر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إستغلال المشاعر

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد حارب الإسلام إستغلال المشاعر للوصول إلى الغايات الدنيئة، التي قد تؤدي إلى نخر أساسات المجتمع، وإحداث جراحات لا تندمل بين الناس، ولا شك في أن مشاعر الحب هي المشاعر الأسمى التي إن دخلت إلى قلب الإنسان جعلته ينظر إلى الدنيا بعين التفاؤل، والفرح، ويستغل أنفاسه في هذه الحياة بشكل إيجابي، ونافع، ومن هنا فقد اهتم الإسلام بالحب، ووضع تصوره الخاص الذي يلبي حاجات الإنسان الفطرية، ويرتقي به من الناحية الروحية، ويصل به إلى أعلى المراتب في الدنيا والآخرة، وتعتبر نظرة الإسلام إلى الحب أوسع النظرات، وأكثرها عمقا، وتلبية لحاجات النفس الإنسانية، فالإسلام لم ينظر إلى الحب على أنه حب رجل لامرأة، أو العكس فقط، بل أضاف إلى هذا النوع ما هو أسمى، وأعظم منه بمرات ومرات.

 

وعلى رأس أنواع وأشكال الحب في الإسلام حب الله تعالى للإنسان، ومن أهم المظاهر الجلية الواضحة لهذا الحب تكريم الله تعالى لبني آدم كنفخ الروح، وسجود الملائكة لأبينا آدم، ومنحه العقل، وتسخير كل ما في الكون له، وتكليفه بحمل الأمانة، وغير ذلك الكثير، ومن الأنواع الأخرى المهمة أيضا هي محبة الإنسان لله تعالى، التي كلما نمت وترعرت في نفس الإنسان نال الخير العظيم والوفير، وازدهرت حياته، وارتقى في منزلته في الآخرة، وقد حثَت النصوص الإسلامية على ضرورة أن يحب الإنسان ربه ويكون ذلك من خلال استذكار نعم الله تعالى عليه، ورحمته به في كل وقت وحين، وما أعده له في الآخرة من ثواب إن هو أحسن، وسار على الطريق المستقيم، وأيضا من خلال مجاهدة النفس.

 

والمواظبة على الطاعات، واجتناب المحرمات، ومن أنواع الحب في الإسلام، هو حب الإنسان لبني جنسه، ولسائر المخلوقات من حوله، ويشمل هذا الحب، حب الوالدين، والحب المتبادل بين الرجل والمرأة، وحب الأبناء، وحب العائلة، والأصدقاء، وحب الطبيعة، وغير ذلك، وهذا النوع من أنواع الحب ليس قليل الشأن كما يظن كثير من الناس، بل هو على صلة مباشرة بالأنواع الأخرى، فمن أحب خلق الله تعالى، ارتقى في تعامله معهم، ونال بالتالي حب الله جل في علاه، وإن القلوب المليئة بالحب والرحمة هي أقدر القلوب على عرض رسالة الإسلام السمحة، فالله تعالى لم يُنزل هذه الديانة العظيمة على قلب أرحم الناس رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلا لتشيع مثل هذه المشاعر السامية بين المخلوقات كلها.

 

ومن هنا فإنه يمكن القول إن تربية النشأ على الحب، والرحمة، والتسامح، بدلا من الكره، والظلم، والعدوان على الآخرين دون وجه حق هو السبيل الأمثل للارتقاء بالأمة، والسير بها نحو دروب الرفعة والألق، وإن الهداية هدف ينشده كل مسلم، مع تفاوت الناس في الطلب وصدق العزيمة وإلى كل راغب في الهداية ومتحر لأسبابها إلى كل متطلع للجنان العالية، عاشق لحورها ومؤمل في نعيمها، ومستجير من النار وفار من زمهريرها وسائر عذابها، ولا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بها، وهي أجل نعم الله الواجب شكرها، وإن من أعظم نعم الله على عبده في هذه الدنيا أن يرزقه الهداية إلى صراطه المستقيم، ولماذا لا تكون الهداية أعظم النعم وأجلها وبها بعد فضل الله يكون الفوز بالجنة والنجاة من النار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى