مقال

الدكروري يكتب عن خصال الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن خصال الناس

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

يحتاج الناس يوم القيامة عندما يشتد البلاء عليهم لمن يتوسط لهم عند ربهم من أصحاب المنازل العالية حتى يكون شفيعا لهم فيطلب الناس من أبيهم آدم عليه السلام أن يكون شفيعا لهم فيرفض ذلك ويعتذر، وبعد ذلك يتوجهون إلى نوح علي السلام فيعتذر منهم، ويرسلهم إلى من بعده من الرسل عليهم السلام وهكذا، وصولا إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلي الله عليه وسلم فيلجأ إلى ربه راجيا شفاعته في أمته، فيستجيب الله تعالى له، وإن الناس فيهم طيب الخصال، وفيهم خبيث الخصال، وفيهم السهل اللين المنقاد، وفيهم الغليظ الطبع، فمعرفة ذلك يساعد الإنسان ويعينه على التعامل الجيد معهم، بحيث يستفيد من طيب الطيب، وينجو ويسلم من شر صاحب الشر، وكذلك فإن الناس مختلفون، في الغضب والرضا، فهم على أربع طبقات وردت في الحديث. 

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا إن بني آدم خُلقوا على طبقات شتى، فمنهم، البطيء الغضب سريع الفيء، ومنهم سريع الغضب سريع الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم سريع الغضب بطيء الفيء، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، ألا وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء” رواه الترمذي، ومعرفة الإنسان لأحوال الناس في الغضب والرضا، ومعرفته لحال كل إنسان بعينه يساعده في التعامل معه، فشرّهم، وهو سريع الغضب بطيء الفيء يحذره ويبتعد عنه، وخيرهم وهو بطيء الغضب سريع الفيء يقرب منه، والمتوسط منهم يتعامل حسب بقدر الحاجة، وإن الناس كثير والمرضي منهم في خصاله قليل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال. 

“إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في رواية مسلم “تجدون الناس كإبل مائة لا يجد فيها الرجل فيها راحلة” فالمعنى لا تجد في مائة إبل راحلة تصلح للركوب، لأن الذي يصلح للركوب ينبغي أن يكون وطيئا سهل الانقياد، وكذا لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة بأن يعاون رفيقه ويلين جانبه، فقال النووي المرضي الأحوال من الناس الكامل الأوصاف قليل، وقال القرطبي الذي يناسب التمثيل أن الرجل الجواد الذي يحمل أثقال الناس والحمالات عنهم، ويكشف كربهم عزيز الوجود كالراحة في الإبل المائة، وقال ابن بطال معنى الحديث أن الناس كثير والمرضي منهم قليل” فعلى الإنسان أن يدقق في اختيار من يعاشر ويصاحب من الناس. 

وأيضا من طرق السعادة هو التحلي بالخصال التي تجعل الإنسان من خير الناس فيحبه الناس، فإن خير الناس هم صحابه رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم، ثم التابعين، ثم تابعي التابعين، رحمهم الله جميعا، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” متفق عليه، ولذا فإن خير الناس من يقتفي أثرهم، ويسلك مسلكهم، ويتبع منهجهم، وإن تحلي الإنسان بالخصال التي تجعله من خير الناس، يجعله مقبولا عند الناس، فيكون سعيدا في تعامله معه، ومن الصفات التي تجعل الإنسان من خير الناس هو أن يُرجى إحسانه وخيره، فإن من خير الناس هو من يرجو الناس خيره، ويسلمون من شره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس. 

فقال “ألا أخبركم بخيركم من شركم؟” فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال “خيركم من يرجي خيره، ويُؤمن شره” رواه الترمذي وأحمد، وأن يسلم المسلمون من يده ولسانه، فإن من خير الناس من يسلم الناس من لسانه ويده، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي المسلمين خير؟ فقال “من سلم المسلمون من لسانه ويده” رواه مسلم، فمن يؤذي الناس بيده، ومن يؤذيهم بلسانه، بغيبة، ونميمة، وكذب، وافتراء، وبهتان، وسخرية، واستهزاء، ونحوها، فلا شك أنه غير محبوب لديهم، بل مكروه مبغوض، وأن يكون طائعا لله عز وجل، حسن العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى