مقال

الدكروري يكتب عن إن الإنسان لفي خسر

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن إن الإنسان لفي خسر
بقلم / محمـــد الدكـــروري

يعيش الإنسان في هذه الدنيا ما بين الإختبار والإبتلاء وليعلم الإنسان أنه مسئول عن كل شيئ في هذه الدنيا من ماله وصحتة وشبابه وعمره، ويعلم أنه مسؤل عن المال من أين اكتسبه وفيما أنفقه ؟ فقال الله تعالى في سورة التكاثر ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم” وقال صلى الله عليه وسلم “لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أن اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه” رواه البزار والطبراني، وإن من الإستمثار هو استثمار العمر وإن الوقت هو عُمر الإنسان، ورأس ماله في هذه الحياة ذلك أن كل يوم يمضي على الإنسان يأخذ من عُمره ويقرّبه إلى أجله، فكان حري بالعاقل أن يستغل ويمضي هذا الوقت الذي منحه الله إياه فيما يرضي ربه، وأن يحقق لنفسه السعادة في الدنيا والآخرة.

وفي هذا قال الحسن البصري ” يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل، وأنت تعلم فاعمل، فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل، ولقد نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشمس عند غروبها فقال “لم يبقي من دنياكم فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه” رواه أحمد، والوقت ثمين بلحظاته، ويزيد نفاسة إذا لم يبقي منه سوى اليسير، والله أقسم به فقال تعالي “والعصر، إن الإنسان لفي خسر” ومن الناسِ من كتب الله له فسحة في العمر، ومنهم من يخطفه الأجل سريعا، وخير الناس من عاش في لحظاتها ليرتقي بها إلى آخرته، وإن الوقت من أغلى النعم على الإنسان، لأنه وعاء كل عمل وانتاج، فيحرم على المسلم تضييع وقته وهدره في أمور تضره ولا تنفعه.

فمن جهل قيمة وقته ندم بعد فوات الأوان ويقول ابن الجوزي وهو يتحدث في مدينة بغداد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعا عجيبا، إن طال الليل فبحديث لا ينفع، أو بقراءة كتاب في غزاة أو سمر بطولات معارك، ويقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى ” فوا عجبا من مضيع لحظة يقع فيها فلتسبيحة تغرس له في الجنة نخلة أكلها دائم وظلها في السماء ” لذلك جاء النص عليهما في الحديث الشريف “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ” ولذلك قال العلماء أهم نعم الله عز وجل على العبد ثلاث، الإيمان والصحة والفراغ، فأن يجد إيمانا وصحة وفراغا فهو رأس المال كله، ومعنى مغبون فيهما كثير من الناس، والغبن هو أن تشتري سلعة بأكثر من قيمتها الحقيقية، أو تبيع سلعة بأقل من قدرها، هذا غبن أيضا، وأكثر الناس مفرطون في الصحة والفراغ.

ولذلك فهم مغبونون أشد الغبن، وهناك قلة من الناس لم يغبنوا، كما نص عليه الحديث قال “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس” يعني هناك قليل تلافوا ذلك الغبن، وهؤلاء القليل هم الفائزون، وأثمن شيء تملكه هو الوقت، إنه رأس مالك، فإن حياة كل منا مجموعة أيام، كيف يستهلكها، إما أن يستهلكها، وإما أن يستثمرها، وإن استهلكها في طلب الدنيا، وجاء الموت، ندم على ما فعل، وإن استثمرها في عمل صالح وجاء ملك الموت، شعر بالنجاح، شعر بالتفوق، شعر بالفوز، شعر بالتوفيق، شعر بأنه إنسان عرف ربه وعرف مهمته وعرف نفسه، وإن الذي يمسك بالأموال بيده ويلقيها في الطريق هذا ما اسمه بالشرع؟ اسمه سفيه، يعني أحمق، وهذا السفيه يحجر عليه شرعا، وكما أن الذي ينفق ماله جزافا من غير تبصر، من غير حكمة يسمى في الشرع سفيها، والسفيه يحجر عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى