مقال

الدكروري يكتب عن أصل المآل والعاقبة

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن أصل المآل والعاقبة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اتقوا الله في أنفسكم يا عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى، وأصلحوا ذات بينكم، وأزيلوا ما يوجب قطيعة الرحم، والوقوع في الآثام، فكم من نزاع وتشاحن أدى إلى ذلك، وتدبروا كتاب ربكم، فقال الله عز وجل ” فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها” فاللهم طهر قلوبنا وأصلح ذات بيننا، وإن الإيمان بالله سبحانه وتعالى هو الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل هو رب كل شيء ومليكه وخالقه، وأنه الذي يستحق وحده أن ينفرد بالعبادة، وأنه المتصف بصفات الكمال المنزّه عن كل نقص وإن أول ما أراد الله تعالى أن يعلمه لنبيه صلى الله عليه وسلم من العلوم هو العقيدة، فهي أساس كل علم، والأساس هو الأصل الذي يبنى عليه غيره، فهي أصل للعبادة. 

وأصل للتعامل، أصل للمآل والعاقبة، وإن الإيمان باليوم الأخر هو من أمهات العقيدة وهي مفرق الطرق بين المؤمنين والكافرين، إنها قضية من أعظم القضايا التي جاءت بها الرسل ونزلت بشأنها الكتب، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد أصحابه بذكر الجنة والنار، فخطبهم يوما فقال لهم صلى الله عليه وسلم “عرضت عليّ الجنة والنار فلم أري خيرا أكثر مما رأيته اليوم في الجنة، ولم أر شرّا أكثر مما رأيته في النار، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا” وقد سمى الله تعالى اليوم الآخر بأسماء كثيرة، وحذر عباده من الغفلة والنسيان وأمرهم بالاستعداد له، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ ” 

أين الجبارون المتكبرون؟ فلا يجيبه أحد، فيجيب تعالى نفسه بنفسه ” لله الواحد القهار” رواه البخاري ومسلم، وإن نعمة الإيمان أعظم نعمة على العبد، فإنه متى حظي بها فقد نال نعم لا تدانيها نعمة، ولا توازيها منة، فبها تتحقق سعادة الدنيا والآخرة ، فالإيمان أكبر من نعمة الوجود الذي يمنحه الله عز وجل ابتداء لهذا العبد وسائر ما يتعلق بالوجود، من آلاء الرزق، والصحة، والحياة، والمتاع، إنها المنة التي تجعل للوجود الإنساني حقيقة مميّزة، وتجعل له في الحياة أثرا فاعلا، وحتى ندرك قيمة هذه النعمة، فلنتدبر قول الله عز وجل كما جاء في سورة الأنعام ” أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون” فهل يستوي من كان ميتا في الضلالة هالكا حائرا، فأحيى الله قلبه بالإيمان. 

وهداه الله له، ووفقه لاتباع رُسله، هل يستوي هذا مع من يعيش في الجهالات والضلالات المتفرقة، لا يهتدي إلى منقذ ولا إلى مخلص له مما هو فيه؟ ومن فقد الإيمان ولم يعرف ربه الذي خلقَه، ولا نبيه الذي أرسله بالحق، تخبط وهلك فالجهل بالله سُم مُهلك وإن الإيمان ربح ومغنم ومنة، لا يقدر قدره إلا من عرف قيمته، وله آثار عظيمة تعود على حياة العبد المسلم، فمن آثاره التي حق لنا أن نقف عندها، وأن الإيمان يغيّر كيان العبد، فيكون باعثا له على بذل المعروف، ودافعا إلى استباق الخيرات، فإن الصادق المصدوق محمد صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن إيمان العبد لا يكمل حتى يحب لإخوانه المسلمين ما يحب لنفسه، فقال صلى الله عليه وسلم ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” رواه البخاري ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى