مقال

الدكروري يكتب عن الوازع الديني ورقابة الضمير

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الوازع الديني ورقابة الضمير
بقلم / محمـــد الدكـــروري

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ” وإن الله تعالي يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ” ولا والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوارقه ” قالوا وما بوارقه يا نبي الله قال ” غشمه وظلمه ” ولا يكسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار وإن الله لا يمحو السئ بالسئ ولكن يمحو السئ بالحسن وإن الخبيث لا يمحو الخبيث، ويعد الوازع الديني ورقابة الضمير وتحقيق مقام المراقبة أنجح قانون وأنجع وسيلة لعدم التعدي على الحرمات.

بل نعدها من إعجاز القرآن التشريعي أن ينضبط سلوك الناس دون القانون الذي يضع العقاب، فالخوف من الله تعالى وشؤم المعصية ومخافة الحساب والوقوف على الصراط ورد المظالم وغيرها من القيم الإيجابية في الدين تجعل المرء يخاف أن يتعدى حدود الله، بل أولئك هم الظالمون، والإسلام قد قنن هذه العلاقات، وجعل لها بابا حلالا تستقر به النفس ويطمئن إليه القلب، فوضع حدا يقطع السبل على الفاحشة أن تنتشر في المجتمع، ليصير الإنسان هو سيدها والمتحكم فيها، وليست هي الآمرة الناهية له تسحبه إلى مستنقعها الآثم، فتنظيم الإسلام لهذه العلاقة لم ينتج مجتمعات مكبوتة جنسيا كما يدعي الغرب والغربيون، وإنما أثمر مجتمعات نظيفة خالية من الأمراض المجتمعية والنفسية والصحية، وفي المقابل فإن تلك الحرية المزعومة في الغرب هي التي أنتجت واقعا أليما.

وأمراضا نفسية أصابت الأفراد بدءا من المراهقين ومرورا بالشباب وانتهاء بكبار السن، ومن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصه الله ورسوله فلا يضرن إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا، وقد جاء ديننا الإسلامي بحفظ الأعراض وحمايتها، وبسد كل باب يمكن أن تنفذ منه الشهوة بين المحارم، وأوجب ستر العورات بينهم، ولم يتوسع في القدر المعفو عن ستره بينهم حتى لا تقع العين على ما يهيج الجسد ويحرك الشهوة، فيضعف مع هيجانها رقابة الضمير، أو يتلاشى الحاجز النفسي تحت ضغط الشهوة، أو يضعف تحت وطأتها الملحة، وقال ابن القيم رحمه الله، أن الزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، ولا تجد زانيا معه ورع، ووفاء بعهد، ولا غيرة تامة على أهله، ومن موجباته غضب الرب.

وظلمة القلب وطمس نوره، ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء وهو اسم العفة والبر، والعدالة، ويعطيه أضدادها كاسم الزاني، والخائن، والفاجر، والفاسق، ومنها أنه يسلبه اسم المؤمن، فقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ” رواه البخارى ومسلم، فسلبه اسم الإيمان المطلق وإن لم يسلب عنه مطلق الإيمان، فهو مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، لكنه سلب عنه اسم الإيمان المطلق، ومنها الوحشة التي يضعها الله سبحانه وتعالى في قلبه، وقلة الهيبة، وضيق الصدر، وإننا لن نتكلم عن الزنا بعمومه، ولكن سيقتصر كلامنا عن زنا المحارم ونقصد بزنا المحارم زنا الأخ بأخته أو العم ببنت أخيه أو الخال بابنة أخته، وأعظم منه زنا الرجل بابنته التي من صلبه أو الولد بأمه أو بزوجة أبيه وإلى آخره من المحرمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى