مقال

دعوة الإسلام إلي التواضع

جريده الأضواء

الدكروري يكتب عن دعوة الإسلام إلي التواضع
بقلم / محمــــد الدكـــروري

الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، فكان صلى الله عليه وسلم جوادا كريما ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم ثم يوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئا، مائدته صلى الله عليه وسلم معروضة لكل قادم، وبيته صلى الله عليه وسلم قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكان صلى الله عليه وسلم آية في الجود والكرم، حتى لا يقارن به أجواد العرب كحاتم الطائي وهرم ابن جدعان.

لأنه يعطي عطاء من لا يطلب الخلف إلا من الله تعالي، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه، فهو صلى الله عليه وسلم أندى العالمين كفا، وأسخاهم يدا، وأكرمهم محتدا، قد غمر أصحابه وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم يُحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم وضحك وأعطاه، وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهما ولا دينارا ولا قطعة.

فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك، فيقول صلى الله عليه وسلم ” من كان بؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” وقال صلى الله عليه وسلم ” كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس” وقال صلى الله عليه وسلم ” ما نقصت صدقة من مال” وسأله سائل ثوبه الذي يلبسه فخلعه وأعطاه، وكان صلى الله عليه وسلم لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإن الإسلام يدعو الإنسان إلى التواضع واحتقار عمله لأنه يرى إخوانه ممن هو أكثر منه همة في الدعوة وطلب العلم والبذل والعبادة.

فيحتقر عمله، ولا يرى لنفسه فضلا، فالعمل الجماعي يدعو العامل إلى الإخلاص، وألا ينسُب العمل لنفسه، بل ينسبه إلى الكيان والدعوة كما قال الإمام الشافعي “وددت لو عمل الناس بعلمي، ولا ينسب إليّ من ذلك شيء” فالعمل الجماعي فيه من التضحية واحترام العلماء والدفاع عنهم ونشر فضلهم، فيه حسن الظن بالآخرين والالتفاف حول أولي الفضل والعلم، فيه تحقيق معاني الأخوة الإيمانية، والحب في الله، والتعاون على البر، وكما يجب أن نتفقد إخواننا ونسأل عنهم، ولا نتركهم للشيطان أو للشبهات أو الأزمات وضغوط ومسؤوليات الحياة، ولقد جاء في صحيح البخاري عن أبي شريح، عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال” والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل من يا رسول الله؟ قال” من لا يأمن جاره بوائقه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى