مقال

حينما تكون مصلحة الامه فوق مصالح الاشخاص .

حينما تكون مصلحة الامه فوق مصالح الاشخاص .

 

بقلم ياسين عبدالباسط

 

نضرب فيه هذه السطور مثلا لما قبل الديمقراطية والحداثه والتشدق بالكلمات كثيره الحروف بين رجلان من اعظم رجال الامه بل العالم اجمع .

قبل الثورات واجهزه الاحصاء والتكيكات الحديثه حينما كانت الأمه

أمه … والرجال … رجال

(رجال صدقوا ما عاهدو الله عليه)

 

عاد سيدنا خالد بن الوليد إلى المدينة، بناءاً على تعليمات أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، ولما علم عمر بن الخطاب بقدوم خالد على مشارف المدينة، خرج فى إستقباله وما إن تقابلا، حتى أخذ عمر ينشد شعراً فى خالد وصنيع خالد للإسلام، وفى أخر الأبيات قال وإن الله هو الصانع، ثم تصافحا وتعانقا •

 

فقال خالد : والله ما أجملت فى حقى يا عمر

فقال عمر : من أين لك بكل هذة الأموال يا خالد ؟

خالد : من السهمان التى أربحها بعد كل معركة

عمر : كل هذة الأموال

خالد : وأكثر من ذلك، فأنا أقاتل الملوك والأمراء والقادة

عمر : لقد عزلتك حتى لا يفتن الناس بك، وحتى لا تغتر أنت بنفسك، ولن تعاتبنى بعد اليوم فى شيء ثم إنصرفا سوياً •

 

ثم أرسل عمر بن الخطاب إلى جميع الأمصار وقادة الجيوش، بياناً قال فيه، إنا لم نعزل خالد بن الوليد عن سرقة أو خيانه، ولكن رأينا أن الناس قد فتنوا به وركنوا إليه، وقالوا لا أحد يغنى غناء خالد، والإسلام أصبح أمة ودولة، والأمة القوية لا يرفع سقفها جدار واحد، فالرأى الواحد خيط رفيع ضعيف هين، والرأيان خيطُ مجدول يقوى بعضهم بعضا، والثلاثة حبلُ متين، وإنا ما أردنا من وراء ذلك إلا وجه الله •

 

ثم مكث خالد فى المدينة بعض الوقت، وعلم عمر ونهج عمر مع جميع الصحابه، فقال لقد عزل من هو خيرً منى سعد بن أبي وقاص، وقسم مال المغيرة بن شعبة الحارس الشخصي لرسول الله، وأيضاً عبدالله بن عمر بن الخطاب، وأبو هريرة أمير البحرين، فقال خالد الحمد لله الذى ولى عمر، والحمد لله أن جعله أحب الناس إلينا، ثم عاد خالد إلى الشام •

 

قضى خالد بن الوليد وقتاً كبيراً بعد عزلة، وهو يفكر فى المعارك التى خاضها، كما هى عادة الجنود القدامى، وكان يستعيد بذاكرته المعارك والمبارزات، التى هزم فيها أعظم أبطال العالم، ومرغ أنوفهم فى التراب، وكان بطبيعتة فخوراً بانتصاراته ولكنه لم يكن متكبراً، وكان ينسب النصر كله لله، وإلى قلنسوتة الحمراء التى كان محاكاً فيها، بعض من شعيرات رسول الله، وعندما كان يكف عن التفكير فى معاركه، كان يفكر فى قادته المخلصين، أمين الأمة أبي عبيده، وشرحبيل بن حسنه كاتب رسول الله، ويزيد الخير بن أبي سفيان وعمرو بن العاص أرطبون العرب

 

لم يُرى حالة واحدة مشابهة له عبر التاريخ، بحيث تجتمع كل هذة الصفات فى رجل واحد، وكان أول قائد مسلم يُخضع إمبراطوريتان عظيمتان، الواحدة تلو الأخرى، وتعتبر جميع معاركه مرجعاً عسكرياً، فى القيادة والتخطيط، وأعظمها بدون شك معركة اليرموك، وحيثم مر خالد كان يترك وراءه، سلسلة من الأعمال المجيده، فمنذ غزوة أحد وحتى عزله، وهى فترة تزيد عن خمسة عشر عاماً، خاض فيها واحداً وأربعون معركة، هذا بخلاف الإشتباكات الصغيرة، كان خمسة وثلاثون منها فى أخر سبع سنين

 

وقبل موت خالد بعدة أيام، جائه صديق قديم لزيارتة،وجلس إلى جواره، فرفع خالد الغطاء عن جسده، وقال له لقد شهدت كذا وكذا زحفاً، ومافى جسدى موضع شبر، إلا فية ضربة سيف أو رمية سهم، أو طعنة رمح، وها أنا ذا أموت على فراشى حتف أنفى، كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، فقال له صديقه يا خالد يجب أن تعرف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين لقبك بسيف الله، فإنه أصبح مقدراً لك أن لا تموت فى معركة، فلو قتلت على يد كافر، فمعنى ذلك أن سيف الله قد كسر، من قبل عدو الله، وهذا لا يمكن أن يحدث أبداً، وظل خالد صامتاً، لقد إقتنع بما قاله الرجل، وبعد دقائق رحل ذلك الصديق •

 

 

وفى مرضه الأخير وعندما إشتدت عليه سكرات الموت، فقام واقفاً مستنداً على غلامه الوفى حمام، لقد أبى أن يموت على فراشه فمات واقفاً رضوان الله عليه، وبعد دفن الجسد الطاهر، وإعادة السيف إلى غمده، لما يقطع الصمت المهيب إلا فرس خالد، فقد خرجت خلف القائد مسرعة، فأفسح لها الناس، يا الله يا الله حتى أن الخيل تودع البطل، فوقف الفرس أمام قبر البطل، والدمع ينزل من مأقيها على أبي سليمان، ثم حنت رأسها للبطل ورقدت أمام القبر، ثم اراحت جسدها واستمال عنقها، فماتت فى إثر صاحبها، حزناً وفرقاً عليه ووفاءاً له، نعم لقد اختارت إلا يعتليها غير خالد، ومات الفرس والفارس •

 

وبعد وفاته لم يجدوا فى بيته، إلا فرسه وسلاحه وغلامه الوفى حمام، وطار نبأ وفاتة إلى المدينة كالعاصفة، وخرجت النساء إلى الشوارع، وعلى رأسهن نساء بنى مخزوم، وهن يبكين خالد، وسمع عمر بالنبأ الحزين، ثم سمع أصوات البكاء والنحيب فغضب لذلك، وكان عمر عندما تولى الخلافة، قد أمر بعدم النحيب والبكاء على موتى المسلمين، وقال لماذا نبكى على هؤلاء القوم، وهم يذهبوا إلى جنات النعيم، وقد استخدم عمر سوطه فى هذا، ولكنه لو رأى حالنا اليوم، لعرف لماذا تبكى النساء على مثل خالد •

 

ولما سمع عمر النحيب، حمل سوطه وهم بمغادرة منزله، واتجه نحو الباب، ولكنه توقف عنده وظل يفكر، إن هذا الموت ليس أمراً عادياً، إنه القائد المحارب سيف خالد بن الوليد، ثم سمع صوت أمنا حفصة زوجة رسول الله بنت عمر بن الخطاب، وهى تبكى على موت خالد، فعاد عمر إلى داخل منزله وعلق سوطه، وجلس هنيه ثم قال دع نساء بنى مخزوم يبكين أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن فعلى مثل أبي سليمان تبكى البواكى، فسلام الله ورحمته على سيدنا أبي سليمان سيف الله خالد بن الوليد •

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى