مقال

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 2″

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون، وقال صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة” وقال صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” فهذه الأحاديث وما ورد بمعناها بشرى للمؤمن تجعله يحتسب عند الله المصائب التي تنزل به فيصبر عليها ويحتسب ثوابها عند الله عز وجل لأنه يعلم أن ذلك من عند الله تعالى وأن سببها من نفسه، كما قال تعالى في سورة الشوري ” وما اصابكم من مصيبة قبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير” ومن التوجيهات النبوية في الرضا بأقدار الله، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله؛ ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان” رواه مسلم، ويظهر ثبات القلب المؤمن حين يمضي الأحباب وتتفرق الجموع، ويبقى هو وحيدا غير آبه لغربة أو كربة، فوعد الله أمام عينيه يقين، وتحقيقه قريب، حسبه أن يظل سائرا ثابتا رافضا لكل ما ينال من عزمات قلبه المتوضأ، فالمؤمن في ثباته واحتماله للمكاره ينظر إلى غاية قريبة في نفسه وقلبه، وما دامت في قلبه فإنه سيحرص على أن يقيم على الأرض دعائم راسخة ثابتة للحق، لا تزعزها الرياح الهوجاء، ولا ينال من عليائها الجهلاء والحاقدون، وللثبات فضل علينا جميعا، فلولا رجال حملوا هذا الحق وهذه الدعوة المباركة.

 

فحفظوها وثبتوا عليها شرعا ومنهاجا ما كانت الأجيال المتتابعة من بعدهم تنعم بصحوة إسلامية رشيدة، وعندما يتزين قلب المؤمن بالإخلاص، وتتجمل جوارحه بالصبر، ويتلألأ بين الآخرين بثبات لا يتزعزع، كان ختام النور الساطع لؤلؤة الرضا، فإن المصائب تكون على وجهين، فتارة إذا أصيب الإنسان تذكر الأجر، واحتسب هذه المصيبة على الله، فيكون فيها فائدتان تكفير الذنوب، وزيادة الحسنات، وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره، ويصيبه ضجر، أو ما أشبه ذلك، ويغفل عن نية احتساب الأجر والثواب على الله، فيكون في ذلك تكفير لسيئاته، إذن هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه، فإما أن يربح تكفير السيئات وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر، لأنه لم ينو شيئا، ولم يصبر، ولم يحتسب الأجر.

 

وإما أن يربح شيئين تكفير السيئات، وحصول الثواب من الله عز وجل، كما تقدم، ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة، فليتذكر احتساب الأجر من الله على هذه المصيبة، حتى يؤجر عليها، مع تكفيرها للذنوب، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى وجوده وكرمه حيث يبتلي المؤمن ثم يثيبه على هذه البلوى، أو يكفر عنه سيئاته، وإن الأمين هو الذى يتقى الله عز وجل ويراقب الله فى كل أقواله وأفعاله ويتأسى بسنة النبى صلى الله عليه وسلم وليعلم جيدا انه صلى الله عليه وسلم الصادق الأمين ولنا فيه الأسوة الحسنه وإن الأمانة من أعظم الركائز التي قامت عليها السماوات والأرض، وأعلى أنواع الأمانة هو حفظ الدين، والتذود من أجل إقامة فرائضه، وحد حدوده، فقال الله تعالى ” إنا عرضنا الأمانة علي السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا”

 

وترتقي خطورة الأمانة في الإسلام إلى درجة تكون علامة على الإيمان أو عدم الأيمان فقال صلى الله عليه وسلم “لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له” ومقعد الإنسان في الآخرة هو مقعده في الدنيا، هو يصنعه بيده، وهو يوجهه إلى ما اختار من جهته فمن اتخذ مقعدا في الدنيا ليباهي به، أو يقضي مصالحه به، أو يعزف عن مصالح الناس التي علقت بعنقه، فقد خاب وخسر، وعجبا ممن يتملكه الفرح لمسؤولية تعلق بها أو تعلقت به، ويتيه زهوا بين الأتراب والأصحاب، ويميس فخرا بين الجيران والأقرباء، يدق الطبول، ويقيم الحفلات، وكأنه ظفر بفوز لا يرام، وامتلك غنيمة لا تضام، في وقت علمنا فيه ديننا أن الأمانة تأتي ولا تؤتى، وأن المسؤولية تبحث عن صاحبها، وليس هو الذي يفتش عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى