مقال

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 5″

الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الصبر لا يصمد له إلا الخاشعون، وقال سبحانه وتعالى فى حديثه القدسى ” يا ابن آدم جعلتك في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء لئلا تنفر من الرحم وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام، وجعلت لك متكأ عن يمينك ومتكأ عن يسارك، فأما الذي عن يمينك فالكبد، وأما الذي عن يسارك فالطحال، وعلمتك القيام والقعود في بطن أمك، فهل يقدر على ذلك غيري ؟ فلما أن تمّت مدتك وكملت خلقتك، أوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه، ليس لك سن تقطع، ولايد تبطش، ولا قدم تسعى، فبعثت لك عرقين رقيقين في صدر أمك يجريان لبنا خالصا حارا في الشتاء وباردا في الصيف وألقيت محبتك في قلب أبويك، فلا يشبعان حتى تشبع، ولايرقدان حتى ترقد، فلما قوي ظهرك”

 

واشتد عضدك بارزتني بالمعاصي في خلواتك، ولم تستحي مني، ومع هذا، إن دعوتني أجبتك، وإن سألتني أعطيتك، وإن تبت إليّ قبلتك” وكذلك فإن الصلاة والزكاة والصيام مسئولية وأمانه والعبادات والمعاملات مسؤولية وامانة والحفاظ علي الاسرة مسئولية وأمانه والحفاظ علي الزوجة والأبناء والمعاملة الحسني للوالدين مسئولية وأمانه والمحافظة علي البلاد مسئولية وأمانه وإتقان الأعمال والقيام بالواجبات الوظيفية مسؤولية، وتقلد المناصب والمراكز الهامة مسؤولية وأمانه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه البخاري.

 

ومن أعظم المسئوليات، هو تحمل الأمانة فتحمل الأمانة والمسئولية أمر ليس بالهين اللين كما يعتقده الكثيرون، ولخطورة التفريط في الأمانة أبت السماوات والأرض والجبال حملها، فعن الحسن أنه تلا هذه الآية ” إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال” فقال عرضها اللع عز وجل على السبع الطباق الطرائق التي زينت بالنجوم، فقيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جُزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، ثم عرضها على الأرضين السبع الشداد، التي شدت بالأوتاد، وذللت بالمهاد، فقيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، ثم عرضها على الجبال الشوامخ الصعاب الصلاب، قيل لها هل تحملين الأمانة وما فيها؟ قالت وما فيها؟

 

قيل لها إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، قالت لا، فقال لآدم إني قد عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها، فهل أنت آخذ بما فيها؟ قال يا رب، وما فيها؟ قال إن أحسنت جزيت، وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها، فذلك قوله تعالي ” وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا” أي ظلم نفسه بحمله إياها، جاهلا حق الله فيها، وعجبا لك ياابن آدم عندما تولد يؤذن في أذنك من غير صلاة، وعندما تموت يصلى عليك من غير أذان وعجبا لك ياابن آدم عندما تولد لا تعلم من الذي أخرجك من بطن أمك وعندما تموت لا تعلم من الذي أدخلك إلى قبرك” وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال انخسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انصرف وقد تجلت الشمس.

 

فقال صلى الله عليه وسلم “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله” متفق عليه، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله “وفي الحديث من الفوائد، هو استدفاع البلاء بذكر الله وأنواع طاعته” وإن الدعاء من أقوى الأدوية لدفع البلاء قبل نزوله، فقد قال العلامة ابن القيم رحمه الله، الدعاء من أنفع الأدوية، وهو عدو البلاء، يدافعه ويعالجه، ويمنع نزوله” وقال رحمه الله “الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه الله لما فيه من العدوان، وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله، وإما لحصول مانع من الإجابة من أكل الحرام، والظلم، ورين الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة، والسهو واللهو وغلبتها عليه، أو يستعجل الدعاء، ويستبطئ الإجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى