مقال

السنة النبوية الشريفة ” جزء 8″

السنة النبوية الشريفة ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثامن مع السنة النبوية الشريفة، ولقد كانت هناك معجزة نبع الماء من يديه صلي الله عليه وسلم، ويعيش النبي صلي الله عليه وسلم، بمعجزته مع الطعام والماء, فيقول أنس بن مالك رضى الله عنه “خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، وكان عددنا ما يقارب سبعمائة، فالتمسنا ماء فلم يجدوا ماء ووجدوا أداوة فيها قطرات فقال صلي الله عليه وسلم، لأنس أو بلال اسكب عليّ، فسكب على يده الشريفة, فقال صلي الله عليه وسلم، باسم الله، ودعا بالبركة فأخذت أصابعه تثور بالماء كالأنهار أو كالغيول من بين يديه” ويشرب الناس ويروون إبلهم ويغتسلون ويتوضئون به ويبقى عندهم ماء، ويعيش رسول الله الله صلي الله عليه وسلم، فيكون أذكر الناس لرب الناس, كلامه ذكر, ونومه ذكر, ويقظته ذكر, وأكله وشربه ذكر, وممشاه ذكر, وجهاده ذكر.

 

فهو الذاكر لله عز وجل، فكان صلي الله عليه وسلم، لا يفارق الذكر لسانه ولا قلبه ولا عينه ولا أذنه, فأصبح صلي الله عليه وسلم، إنسانا يعيش بذكر الله, ويحيا بهذا الذكر ويعلمه الناس حيث قال الله تعالى ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب” وإن أعظم القلوب هو قلب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويعيش صلي الله عليه وسلم، عالم الأخلاق, فإذا على أخلاقه تدار أخلاق العباد, برهان وميزان وعرفان, فإذا هو العظيم في الصبر, وفي الكرم, والعظيم في الحلم, وإذا جزئية من أخلاقه تكفي لعالم من الناس, وأنت إذا استقرأت أحوال الصحابة تجد فيهم رضوان الله عليهم الكمال النسبي, أما الكمال المطلق البشري فللرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والنبي صلي الله عليه وسلم، يعيش متبسما ومتواضعا وصبرا وشجاعة وكرما.

 

فيقول جرير بن عبد الله رضي الله عنه “ما رآني رسول الله صلي الله عليه وسلم، إلا تبسم” والتبسم هذا يسميه بعض العلماء هو السحر الحلال, قيل لعالم من العلماء ما هو السحر الحلال؟ قال التبسم في وجه الرجال، والتبسم سهل وهو يباع في الأسواق بلا ثمن, وهو أرخص العملات, وما بيع أبدا بقيمة وقد وجدوه أرخص ما يسام، ولكنه غالي ونفيس عند الأتقياء, والمتكبرون لا يتبسمون، وكان صلي الله عليه وسلم، يبتسم ليشتري القلوب, والقلوب لا تباع بالذهب ولا بالفضة, ولا بالدراهم ولا بالدنانير, ولكن تباع بالبسمات, فكان صلي الله عليه وسلم، يتبسم للناس حتى أسر قلوبهم، ولقد جمع القبائل والعرب, وما يجتمعون أبدا، ولكن ما جمعهم ملك، ولا رئاسة ولا إمبراطورية ولا عرفان ولا ثقافة ولا حضارة جمعهم تبسم رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم.

 

فقال الله تعالى ” وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم” فلقد أدهش العالم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أعدائه وهو متمكن منهم، فلم يظهر في التاريخ أرحم منه مع أعدائه رغم ما كان يلاقيه منهم من الأذى إلا أنه كان مثالا للأخلاق الحسنه متمثلا لشعار العفو عند المقدرة، ومن فن تعامله صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة أنه وضع ميثاقا في غاية الدقة، وحسن السياسة، فألف بين سكان المدينة من الأنصار والمهاجرين وجيرانهم من طوائف اليهود وربط بينهم فأصبحوا به كتله واحدة يستطيعون أن يقفوا في وجه كل من يريد أهل المدينة بسوء، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب لما قالا عن مسيلمة إنه رسول الله “لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما”

 

وقال صلى الله عليه وسلم “من كان بينه وبين قوم عهد فلا يُحلن عقدا، ولا يشدنه حتى أمدُه، أو ينبذ إليهم على سواء” ولما أسرت قريش حذيفة بن اليمان وأباه أطلقوهما، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا خارجين إلى بدر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم” وفي معركة بدر عندما أسر المسلمون سبعين رجلا من المشركين قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه “استوصوا بالأسارى خيرا” فانظر إلى هذا التعامل مع أعداء محاربين يريدون أن يقضوا على الإسلام والمسلمين ويقول للصحابة “استوصوا بالأسارى خيرا” وعندما أتى عمير بن وهب المدينة بعد معركة بدر متفقا مع صفوان بن أمية على أن يتكفل صفوان بدينه وعياله وأن يقتل هو الرسول صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى